مسائل الجاهلية شرح الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 87

شرح مسائل الجاهلية العيافة والطرق والطيرة والكهانة والتحاكم إلى الطاغوت وكراهة التزويج بين العيدين
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

المسألة العشرون بعد المائة
العيافة

المسألة العشرون بعد المائة، والحادية والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعشرون، وتمام الثلاثين بعد المائة: العيافة والطرق والطِّيَرة والكِهانة والتحاكم إلى الطاغوت، وكراهة التزويج بين العيدين، والله أعلم.

طيب. هذه المسائل مسائل جاهلية.

المسألة الأولى: العيافة، هي زجر الطير، هذه من مسائل الجاهلية؛ زجر الطير -إذا أراد سفرا أو أراد تجارة- والتشاؤم بها، يزجر الطير، فإذا ذهبت جهة اليمين تيامن وقال هذا سفر سعيد وسافر، وإذا ذهبت جهة الشمال تشاءم وقال هذا سفر مشئوم فلا يسافر، أو إذا أراد أن يتزوج يزجر الطير فإذا ذهبت جهة اليمين تزوج، وإذا ذهب جهة الشمال أحجم، أو إذا أراد أن يدخل في تجارة زجر الطير، ولها أسماء، يسمونها السوارح والبوارح، ومن أتى من أمامك من الطيور يسمونها الناطح والنطيح، ومن أتى من الخلف يسمونها القاعد والقعيد.

وكانت بعض القبائل في الجاهلية لهم معرفة بزجر الطير، ومن كان لا يعرف زجر الطير يأتي إلى هذه القبيلة ويطلب منهم زجر الطير، يزجرونه؛ ولهذا يقول الشاعر الجاهلي:

خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلا تك ملغيا

مقالـة لِهبـي إذا الطـير مـرت

يعني بنو لهب عندهم خبرة بزجر الطير، فإذا زجر لهبي -من بني لهب - لا تلغي مقالته؛ لأنهم من أهل الخبرة.

فالعيافة من خصال الجاهلية، وهي زجر الطير والتشاؤم بالطيور والتيامن والتشاؤم، فالواجب الحذر، الطير ليس عنده شيء، فالطير مسكين ليس عنده شيء، وليس عنده عقل، بهيمة، ما الذي عند هذا الطير إذا ذهب جهة اليمين أو جهة الشمال أو الأمام أو الخلف؟ لكن لو كان أهل الشرك يعقلون!

الطرق: هو خط يخط في الأرض، أو يضرب بالحصى أو الودع، ويزعمون أنهم يدّعون بذلك شيئا من علم المغيبات، يعرف الحظ حظ الإنسان أو مستقبله أو ما أشبه ذلك، ويدعي علم الغيب عن طريق خط الرمل أو ضرب الحصى والودع، وهذا من خصال الجاهلية ومن دعوى علم الغيب، فالواجب الحذر من ذلك، نعم.

الطيرة: التشاؤم، التشاؤم بالمرئيات والمسموعات، التشاؤم بالطيور، والتشاؤم بالأشخاص أو بالألفاظ أو بالبقاع أو بالأسماء، كل هذا من خصال الجاهلية، ومن خصال الكفرة، ومن ذلك أن آل فرعون كانوا يتشاءمون بموسى -عليه السلام- إذا أصابهم خصب وسَعة قالوا لنا هذا، وإن أصابهم جدب وقحط قالوا هذا بسبب موسى فأنزل الله -عز وجل- في ذلك: فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ قال الله ردا عليهم: أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ؛ يعني شرهم، وما أصابهم إنما هو بسبب أعمالهم الخبيثة لا بسبب موسى .

وأخبر الله أيضا عن الرسل أن الذين ردوا عليهم تطيروا: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ؛ يعني شركم، وما أصابكم إنما هو بسبب أفعالكم لا بأفعال الناصحين، فهذا من خصال الجاهلية، التشاؤم بالأشخاص أو بالألفاظ أو بالبقاع أو بالأسماء، نعم.

والكهانة كذلك من خصال الجاهلية، وهي دعوى علم الغيب عن طريق الإخبار عن المغيبات في المستقبل، دعوى الإخبار عن المغيبات في المستقبل، أو الإخبار عما في الضمير عن طريق الكهانة، وهو أن يكون له رئيّ من الجن يدعي أنه يخبره بالمغيبات، وهذا كفر وضلال، دعوى كفر وضلال، نعم.

والتحاكم إلى الطاغوت: الطاغوت: وهو كل ما خالف الشرع، وهذا من خصال الجاهلية، من تحاكم إلى غير شرع الله فقد تحاكم إلى الطاغوت؛ القوانين، أو الآراء أيا كانت، نعم.

وكراهة التزويج بين العيدين: كذلك من خصال الجاهلية كراهة التزويج بين العيدين يعني في شوال وفي ذي القعدة، بين عيد الفطر وعيد الأضحى، هذا من تشاؤمهم، وكذلك ردت عائشة -رضي الله عنها- على بعض الناس لما قال لها ذلك، فقالت: إني تزوجت النبي -صلى الله عليه وسلم- في شوال، أيكنّ أحظى مني؟! يعني صار لها مكانة وحظوة ومحبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقد تزوجت بين العيدين؛ فهذا من خصال الجاهلية، التزويج لا بأس به في أي وقت في أي زمان وفي أي مكان، نعم.

والله وأعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح.

جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء على ما قدم ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل ذلك في ميزان حسناته، وأن ينفع الله به وبكم وبنا الإسلام والمسلمين.

س: فضيلة الشيخ، هذا سائل يسأل ويقول: وردت لفظة في حديث النزول الإلهي: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير من الليل قالوا هذه اللفظة في آخر الحديث في بعض الروايات، وهي قوله: (ثم يرتفع)، وهي عند ابن أبي عاصم في السنة، فهل هي صحيحة، وهل يثبت لله صفة الارتفاع.

ج: الحديث المتواتر عند النبي -صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ والنزول من الصفات الفعلية التي تليق بجلال الله وعظمته، وهو –سبحانه- فوق العرش، ولا يكيّف النزول ولا غيره، كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. كذلك يقال في النزول: النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

أما لفظ يرتفع فلا أعلمه، يحتاج إلى نظر في سنده، وإذا لم يكن له متابع فقد يقال إنها شاذة، إذا جاءت لفظة مخالفة للرواة المعروفين فهي عند أهل الحديث تكون شاذة، ينظر في سند الحديث، هل هذه اللفظة ثابتة أو أنها هذه اللفظة مطعون فيمن رواها؟ وهل لها متابع؟ فيحتمل أن تكون شاذة؛ لأني لا أعلم هذه اللفظة، يجب التأمل، نعم.

س: هذا سائل يسأل ويقول: فضيلة الشيخ، أحسن الله إليكم! هل يدخل في الطرق قراءة الفنجان والنظر في الكف ورمي الحصى، وكذلك البروج التي تنشر في بعض المجلات والجرائد.

ج: نعم يدخل فيها هذا، قراءة الكف وفتح الكتاب وإحضار الجن كل هذا، الذي يقرأ الكف ليعرف حظه ويدّعي علم الغيب، أو ينظر في النجوم ويدعي بها علم الغيب كل هذا داخل، كل من يدعي علم الغيب فهو كافر بأي وسيلة، كل من يدعي الغيب كل ذلك كفرة، لكن إن كانت الوسيلة التي يدعي بها علم الغيب عن طريق العقد والرقى سمي ساحرا، وإن كانت الوسيلة التي يدعي بها علم الغيب عن طريق الإخبار عن مغيبات المستقبل وله رأيّ في الجن يسمى كاهنا، وإن كان عن طريق الخط في الرمل والطرق في الحصى يسمى عرّافا، وكذلك إذا كان يدعي معرفة مكان الضالة معرفة المسروق، وإن كان عن طريق النظر في النجوم يسمى منجّما.

والتنجيم على ثلاثة أنواع:

النوع الأول: الاستدلال بالنجوم على التأثير في الأرض، واعتقاد أن النجوم مؤثرة؛ هذا كفر أكبر وشرك في الربوبية، وهو شرك الصابئة. والثاني: أن يعتقد أن النجوم إذا اجتمعت أو افترقت أو طلعت أو غربت يدعي علم الغيب، وهذا أيضا كفر. الثالث: ما يسمى بعلم التسيير، وهو أن يستدل بالنجوم على معرفة القبلة، ومعرفة الطرق في البراري أو في البحار، ومعرفة فصول السنة، ومعرفة زوال الشمس؛ فهذا لا بأس به في أصح أقوال العلماء، وإن كان كرهه بعض أهل العلم، بعض أهل العلم كالحافظ بن رجب قال: لا ينبغي التعمق في مثل هذا. فالمقصود أن هذا -علم التسيير- لا بأس به؛ معرفة القبلة، معرفة الزوال حتى يعرف وقت الظهر، أو يستدل به على معرفة فصول السنة وأوقات البذر، أو معرفة الطرق في البر أو في البحر؛ هذا لا بأس به، نعم.

س: عفا الله عنك! هل شراء بعض المجلات التي فيها معرفة الأنجم واعرف حالك ونفسك من خلال معرفة نجمك، هل فيه معنى إتيان بعض الكهان والعرافين؟

ج: لا، هذا من أسباب الضلال، إلا إذا اشتراها ليرد عليها أو ليبلغ أهل العلم، أما إذا اشتراها ليقرأها هذا كما لو قرأ كتب الضلال، إن اعتقد ما فيها وادعى علم الغيب فهذا كفر وضلال، وأما إذا قرأها وهو لا يعتقد هذا لا يجوز له أن يقرأ، لا سيما إذا لم يكن عنده بصيرة، أما إذا كان طالب علم يقرؤها للرد أو لتبليغ العلماء هذا لا بأس به، أما هذا فيجب عليه أن يحذر حتى لا يضل، كما يقرأ السحر وكتب الضلال والبدع والخرافات، نعم.

س: عفا الله عنك! هذا طلب وسؤال أخير: يقول أحسن الله إليكم، وجزاكم الله خيرا على جهودكم، وتحملكم المشقة في سبيل نشر العلم والتوحيد - نسأل الله جميعا التوفيق - وإننا نتمنى يا فضيلة الشيخ أن تقيموا مثل هذه الدورة في السنوات والإجازات المقبلة، أما عن السؤال فيقول: كيف نجمع بين قوله –تعالى-: جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ وبين قوله -تعالى-: وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ ؟

ج: جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ هذا خلقهم، خلقهم الله هكذا، وأما قوله: وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ هؤلاء الملائكة الذين يقبضون روح الميت، فإن ملك الموت له أعوان يتناولونها ثم يأخذه ملك الموت، والله -سبحانه وتعالى- هو الآمر؛ ولهذا ينسب التوفي إلى ملك الموت: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وينسب إلى الملائكة الذين يساعدونه، قال: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وينسب إلى الله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ ؛ لأن الله –سبحانه- هو الآمر بذلك، وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ هذا بسط الأيدي لتناول روح الميت، وأما جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا هذا خلقهم، خلقهم الله هكذا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فلا منافاة ولا تعارض.

وفق الله الجميع لطاعته.