المؤلف : الشيخ عبد الحميد بن محمد ابن باديس
القسم :أصول فقه
الحجم:1.5M
تاريخ :2016-03-22
حمله :1597
قال الإمام المُصلح المجدّد الشّيخ عبد الحميد بن محمّد بن المُصطفى بن المكّي بن باديس القسنطيني الجزائري رحمه الله :
مبادئ الأصول :
علمُ الأصول معرفة القواعد التي يُعرف بها كيف تستفاد أحكام الأفعال من أدلّة الأحكام , فلنحصر الكلام في أربعة أبوابٍ :
الباب الأوّل : في أفعال المُكلّف :
من مُقتضى عبودية العبد لربّه أن يكون مُطيعا له في جميع أفعاله , ممّا يفعله بجوارحه الظّاهرة أو بجوارحه الباطنة وذلك بأن يجريَ على مُقتضى طلب الله وإذنه , فيفعل ما طلب منه فعله , ويترك ما طلب منه تركه , ويختار فيما أذن له في فعله وتركه , إذ كلّ فعل من أفعاله لا بُدّ أن يكون مطلوب الفعل أو مطلوب التّرك أو مأذونا في فعله وتركه .
الباب الثّاني : في أحكام الله تعالى :
كلّ فعل من أفعال المُكلّف الظّاهرة والباطنة لا بُدّ أن يكون قد تعلّق به حكم من أحكام الله تعالى لأنّ الإنسان لم يُخلق عبثا , ولم يُترك سُدى , وحُكم الله تعالى هو طلبه أو إذنُه أو وضعه .
الوضع :
وأمّا وضعه تعالى " فهو جعله الشّيء سببا يلزم من وُجوده الوُجود ومن عدمه العدم لذاته , كدخول الوقت لوُجوب الصّلاة وصحّتها . أو شرطا يلزم من عدمه العدم , ولا يلزم من وُجوده الوُجود ولا عدم لذاته , كالوُضوء لصحتّها . أو مانعا يلزم من وُجوده العدم , ولا يلزم من عدمه وُجود ولا عدم لذاته , كالحيض لوُجوبها وصحتّها " .
تفريق ما بينهما :
ممّا يفترقان فيه أنّ الحكم التّكليفي مُتعلّقُه فعل المُكلّف من حيث طلبه والإذن فيه , وأنّ الحكم الوضعي مُتعلّقه الأشياء التي تُجعل شُروطا وأسبابا وموانع , سواء كانت من فعل المُكلّف , كالوضوء شرطا في الصّلاة , أو لم تكن كدخول الوقت سببا في وُجوبها .
كلّ حكم من أحكام الله تعالى فهو مُستفاد من الخطابات المُوجّهة إلينا وما تضمّنّ منها حُكما تكليفيا فهو خطاب تكليف وما تظمّن حكما وضعيا فهو خطاب وضع , وقد يتضمّن الخطاب الحُكمين معا , أمثلةٌلذلك : ــ فمن قوله تعالى : (<< وأقيموا الصّلاة >>) عرفنا الحكم الذي هو الإيجاب للصّلاة , ــ ومن قوله تعالى : (<< ولا تقربوا الزّنا >>) عرفنا الحكم الذي هو التّحريم للزّنا ــ ومن قوله صلّى الله عليه وسلّم في العامد للصّلاة إنّه :" تُكتب له بكلّ خطوة حسنة , وتُمحى عنه بالأخرى سيّئة " عرفنا الحُكم الذي هو استحباب كثرة الخُطى إلى المساجد , ــ ومن قوله تعالى : (<< ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسّعة أن يؤتوا أولي القُربى والمساكين والمُهاجرين في سبيل الله >>) عرفنا الحُكم الذي هو كراهة الحَلفِ على الامتناع عن الصّدقة ومن قوله تعالى (<< فإذا قُضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض >>) عرفنا الحُكم الذي هو الإذن في الانتشار , ــ ومن قوله تعالى :(<< أقم الصّلاة لدلوك الشّمس . . . >>) عرفنا الحُكم الذي وضعه تعالى دُخول الوقت سببا لإقامة الصّلاة , ــ ومن قوله صلّى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتّى يتوضّأ " عرفنا الحُكم الذي وضعه تعالى الوُضوء شرطا في الصّلاة , ــ ومن قوله صلّى الله عليه وسلّم : " أليس إذا حاضت المرأة لم تُصلّ ولم تصم " عرفنا الحُكم الذي وضعه تعالى الحيض مانعا من الصّلاة والصّوم , ــ ومن قوله تعالى : (<< يأيّها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وُجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برُءوسكم وأرجُلَكم إلى الكعبين >>) عرفنا الحكم الذي هو إيجاب الوُضوء , وعرفنا الحكم الذي هو وَضعُه تعالى الوُضوء شرطا في الصّلاة , فاشتمل هذا الخطاب على الحُكم التّكليفيّ والوضعيّ معا .
تقسيم وتتميم :
ينقسم الحكم أيضا إلى عزم وترخيص فما كان حُكما ابتدائيا عمّا في جميع الأحوال فهو عزم , والفعل الذي تعلّق به يُسمّى عزيمة , كإيجاب الصّلاة والصّوم وتحريم الخمر , وما كان حُكما سهلا شُرع بعد حُكمٍ صعب في حالة خاصّة لأجل العذر مع قيام السّبب للحُكم الأصلي فهو ترخيص , والفعل الذي تعلّق به يُسمّى رُخصة , كقصر الصّلاة , والفطر في السّفر والمسح على الخُفّ وإساغة الغُصّة بالخمر .
تصحيح وإبطال :
وينقسم أيضا إلى تصحيح وإبطال : فالتّصحيح الحُكم بالصّحة في العبادات , وعُقود المعاملات , وهي استيفاء العقد أو العبادة للشُروط المُعتبرة فيه شرعا , وسلامته من الموانع بحيث يقع على الوجه المشروع , وما تعلّقت به الصّحة منهما فهو صحيح , وإبطال الحُكم لإبطال العقد أو العبادة . والبُطلان والفساد هو اختلال العبادة أو العقد لتخلّف شرط , أ, وُجود مانع , بحيث تكون العبادة أو العقد وقعت على غير الوجه المشروع , وما تعلّق به الإبطال فهو باطل لقوله صلّى الله عليه وسلّم : " من عمل عملا ليس عليه أمرُنا فهو ردّ " رواه الشّيخان عن عائشة رضي الله عنها .
مُقتضيات الحكم :
المحكوم فيه :
هو فعلُ المُكلّف الظّاهر والباطن ولم يُكلّف الله العباد إلاّ بما في مقدورهم , ولا حرج عليهم فيه , فلا تكليف بغير المقدور , كقيام المُقعد للصّلاة , ولا بما فيه حرج , كقيام المريض لها , لقوله تعالى : (<< ربّنا ولا تُحمّلنا ما لا طاقة لنا به >>) , (<< لا يُكلّف الله نفسا إلاّ وُسعها >>) , (<< وما جعل عليكم في الدّين من حرج >>) .
المحكوم عليه :
المُخاطب بالأحكام :
الباب الثّالث : أدلّة الأحكام من الكتاب والسّنّة والإجماع والقياس :
الكتاب : هو القرآن العظيم وهو الكتاب المُنزّل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم , المكتوب في المصاحف , المنقول إلينا بالتُواتر , المحفوظ بحفظ الله من التّبديل والتّغيير .
الباب الرّابع : في القواعد الأصوليّة :
تمهيد :
* قاعدة في حمل اللّفظ :
* قاعدة في الأمر :
* قاعدة في النّهي :
* قاعدة في الأخذ بالمأمور به :
* قواعد المفهوم والمنطوق :
*أنواع دليل الخطاب :
* تقييد :
* قاعدة الظّاهر :
كلّ ما دلّ على معنى واحتمل غيره احتمالا مرجوحا فهو الظّاهر الدّلالة على ذلك المعنى , ويتعيّن حمله على ذلك المعنى , كاسم الجنس في معناه الأصلي , والعام في استغراق جميع أفراده .
* قاعدة المؤوّل :
* قاعدة في المُبيّن :
* قاعدة في المجمل :
* أسباب الإجمال :
* قاعدة المبين :
* قاعدة في العام :
* صيغ العموم :
* قاعدة في فرق العام :
* قاعدة في التّخصيص :
* قاعدة في المخصّص وأقسامه :
* قاعد في المطلق والمقيّد :
* قاعدة في حمل المُطلق على المُقيّد :
* قاعدة في المحكم والمنسوخ والنّاسخ والنّسخ :
* متى يُحكم بالنّسخ :
* مورد النّسخ :
* حكمة النّسخ :
* وُجوه النّسخ وأقسامه :
* تنبيه أوّل :
ما ذكر من القواعد يُطبّق على نصوص الكتاب والسّنّة , ويبقى من السّنّة فعله ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ وتقريره .
* قواعد في أفعاله صلّى الله عليه وسلّم :
* قواعد في تقريره صلّى الله عليه وسلّم :
* تنبيه ثان :
* خاتمة في الاجتهاد والتّقليد والاتباع :
انتهى هذا الكتاب المُبارك يوم 28 ذي القعدة سنة 1356 , على يد كاتبه الفقير إلى ربّه محمّد العربي بن صالح الحركاتي ثمّ البنعيسي , وفقه الله إلى ما يُحبّه ويرضاه , وأحسن ختامه وجعل الجنّة مأواه , وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين .
قال فضيلة الشيخ أبو عبد المعز محمد علي فركوس في مقدمة كتابه "الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول" :
"... واخترت للتدريس في المرحلة الأولى رسـالة في"مبادئ الأصول"من إملاء الشيخ المُصلح عبد الحميد ابن باديس _رحمه الله تعالى_ على طلبتـه، وقد دفعني إلى اختيار هذه الرسالة عدّة أسباب :
– في طليعتها تثمين كتبه ومقالاته والعناية بها، وتجسيد آثاره عمليّا بتدريسها ونقل معارفها بصدق وأمانة للآخرين...
– التعريف بأصالة التراث الجزائري، وربط الطالب بعلماء بلده المعروفين بالعلم والاجتهاد من أهل الدين والصلاح...
...إنّ كتابه هذا وإن كان قد أملاه على سبيل الاختصار فإن محاسنه تظهر في وضوح الفكرة، وخلوّه من التعقيد والإشكال، وبُعده عن الالتباس والاضطراب والتناقض، وما هو في الواقع إلاّ مقدّمة للمصنّفات المفصّلة وإقليد للمطوّلات، يمتاز بأسلوب سهل وبسيط، بعيد عن التعقيد اللفظي، مع رقّة الفهم، ودقّة في العبارة، مخالف للعديد من الرسائل والمختصرات من علم الأصول التي تحاول أن تؤدي معاني كثيرة في عبارة مُقتضبة، الأمر الذي لا يعين على فهمها إلاّ بصعوبة بالغة.
_ الباب الأول: تناول أفعال المكلّفين، وحقيقته ما هو سوى تقرير للمحكوم فيه، وهو فعل المكلّف الذي أعاده في مقتضيات الحكم.
_ الباب الثاني: تناول أحكام الله تعالى، وبيّن فيه الأحكام التكليفية والوضعية، وأقام الفرق بينهمـا، ثمّ تعرّض إلى مقتضيات الحكم مبيّنا الحاكم، والمحكوم فيه، والمحكوم عليه وهو المكلّف والمخاطب بالأحكام.
_ الباب الثالث: تناول أدلّة الأحكام من الكتاب، موضّحا أنّه، أصل الأدلّة، وعمدة الشريعة، وأوّل مصادر التشريع وكلّها ترجع إليه. ثمّ بيّن الدليل الثاني وهو السّنّة، باعتبار ذاتها، ثمّ باعتبار علاقتها بالقرآن، وقسّمها إلى سنّة مبيّنة ومستقلة ، أخّر السّنّة من حيث ثبوتها إلى آخر الرسالة في تنبيه ثان. ثمّ بيّن الدليل الثالث، وهو الإجماع، وبيّن حجّته، وقسّمه إلى: إجماع عمليّ وآخر نظريّ، واعتبر أنّ معرفته متعذّرة مع إمكان وقوعه، لانتشار المجتهدين في الآفاق وكثرة عددهم، واستثنى من ذلك إجماع الصحابة. ثمّ تناول القياس مكتفيا بالتعريف والتمثيل لقياس العلّة.
_ الباب الرابع: تناول القواعد الأصولية وقسّم فيها الأدلة إلى تفصيلية، وهي آيات وأحاديث الأحكام، ومرجعها إلى الكتاب والسّنّة، وأدلّة إجمالية، وهي القواعد الأصولية ومرجعها كتب الأصول، ثمّ بيّن القواعد التي تخصّ النصوص القولية من الكتاب والسنّة متّعرضا إلى القواعد التالية: حمل اللفظ، الأمر، النهي، الأخذ بالمأمور بــه، المفهوم والمنطوق، مبيّنا أن المفهوم على قسمين: موافقة ومخالفة، وقسّم مفهوم الموافقة إلى مفهوم مساو وأولوي، وبيّن أنواع مفهوم المخالفة وشروط العمل به، ثمّ تعرّض لقاعدة النصّ والظاهر والمؤوّل والمبَّين والمجمل والمبيِّن.
وانتقل بعدها إلى قاعدة العامّ وبيّن صيّغه وفُرَقه، ثم بيّن التخصيص وقسميه، وأعقبه بالمطلق والمقيّد، وقاعدة حمل المطلق على المقيد، ثمّ المحكوم والمنسوخ والناسخ والنسخ، ثمّ وجوه النسخ وأقسامه مع بيان مورده ومتى يحكم بالنسخ، وأخيرا تعرّض للقواعد التي تخصّ فعله صلى الله عليه وسلم وتقريره، وذيّل رسالته بخاتمة ذكر فيها الاجتهاد والتقليد والاتّباع.
ومن الملاحظات التي على الرسالة اقتصاره غالبا على التعريف من غير التعرّض لأدلّة ثبوت هذه القواعد إلاّ قليلا، وظهرت اختياراته الأصولية موافِقة لِما عليه مذهب الجمهور، بما في ذلك مذهب المالكية، إلاّ في مسألة معرفة الإجماع، فقد خالف مذهب الجمهور، كما أن المصنّف لم يتعرّض إلى مباحث أصولية كثيرة، كالأدلّة المختلف فيها، والعموم العقلي والعرفي ونحو ذلك، وكان معظم الأمثلة والتعريفات والتقسيمات الواردة في مباحث الإجمال والعموم والمطلق والمقيّد وغيرها مأخوذة ومقتبسة من"مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول" لأبي عبد الله محمّد بن أحمد الشريف التلمساني المتوفى سنة (771هـ) (١٣) ، وفي الرسالة مآخذ أخرى علقّنا عليها في الهامش، وهي قليلة إلى جانب كثير صوابه، والله يأبى العصمة لكتاب غير كتابه.
هذا، وبغضّ النظر عن أصالة مضمون هذه الرسالة فقد جاءت حسنة في مظهرها، مريحة حال قراءتها والاطلاع عليها، وهي وإن كانت صغيرة الحجم فقد تناولتُ فوائدها بالشرح الوجيز والتعليق العزيز، يساعد على الارتقــاء في مدارج علم أصول الفقه..."
الجزء | القارئ | حمله | سمعه | الحجم | المدة | الاستماع | تحميل |
---|
مواعيد جويلية 2024