صفات أولياء الله الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي الدرس 4

صفات أولياء الله أولياء الله ثلاث طوائف
الأربعاء 19 جويلية 2017    الموافق لـ : 24 شوال 1438
تحميل الشريط

عناصر الشريط

تفريغ الشريط

أولياء الله ثلاث طوائف

وأولياء الله ثلاث طوائف:
أفضلها وأعلاها الموحدون: الذين وحدوا الله ولم يقع في عملهم شرك، ثم أدَّوا الفرائض والواجبات وصار معهم نشاط وزاد نشاطهم فأدوا النوافل والمستحبات زيادة على الواجبات، وسارعوا إلى مرضاة الله بأداء النوافل وتركوا المحرمات واجتنبوها، وزادوا على ذلك فتركوا المكروهات كراهة التنزيه، وتركوا أيضا فضول المباحات فلم يتوسعوا في المباحات خشية الوقوع في المكروهات والمحرمات، هؤلاء أفضل أولياء الله المتقين، أفضل أولياء الله هؤلاء؛ فهم السابقون وهم المقربون، إلى الله عز وجل.

وفي مقدمة هؤلاء الرسل والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فالرسل والأنبياء أسبق الناس إلى هذه الأوصاف، أسبق الناس إلى توحيد الله عز وجل، وأسبق الناس إلى أداء الفرائض، وأسبق الناس إلى ترك المحارم، وأسبق الناس إلى المسارعة إلى الخيرات، في مقدمة هؤلاء الرسل، وأفضل الرسل أولو العزم الخمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم الصلاة والسلام-، وأفضلهم الخليلان: محمد وإبراهيم وأفضل الخليلين نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- فهو أفضل أولياء الله وأعلى أولياء الله وأتقى أولياء الله، وأعلم الناس بالله وأعبد الناس وأزهد الناس وأخشى الناس وأتقى الناس لله -عز وجل-، وأشجع الناس وأكمل الناس في جميع الصفات الحميدة: في العلم والكرم، والصبر والتحمل وتبليغ الدعوة والرسالة، وتحمل الأثقال والمتاعب، وبذل النفس والمال والعلم والوقت في سبيل مرضاة الله، وفي الدعوة إلى الله وإلى دار كرامته وجنته.

ثم يليه الخليل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، ثم يليه موسى الكليم ثم بقية أولو العزم، ثم بقية الرسل، ثم بقية الأنبياء، هم أسبق الناس إلى هذه الأوصاف، ثم المؤمنون الصديقون والشهداء والصالحون، من وصل إلى هذه الصفات فهو من السابقين المقربين.

ثم الطبقة الثانية من أولياء الله المقتصدون:
المقتصدون: أصحاب اليمين الذين أدَّوا الفرائض، وحدوا الله وأخلصوا له العبادة ولم يقع في عملهم الشرك، وأدوا الفرائض والواجبات ووقفوا عند هذا الحد، ما كان عندهم نشاط لأن يفعلوا المستحبات والنوافل، وتركوا المحرمات فلم يفعلوها ووقفوا عند هذا الحد، لم يكن عندهم نشاط لترك فعل المكروهات، بل قد يفعلون المكروهات كراهة التنزيه، ويتوسعون في المبيحات، وهؤلاء هم أصحاب اليمين وهم المقتصدون، وهذا الصنف والصنف الذي قبله يدخلون الجنة من أول وهلة فضلا من الله وإحسانا؛ لأنهم أدوا ما أوجب الله عليهم من الفرائض وابتعدوا عن المحارم.

ثم الصنف الثالث والطبقة الثالثة من أولياء الله الظالمون لأنفسهم:
الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة ولم يقع في عملهم شرك لكن قصروا في بعض الواجبات، أو فعلوا بعض المحرمات، قد يفعلون بعض المحرمات وقد يتركون بعض الواجبات أو يقصرون فيها، هؤلاء ظالمون لأنفسهم لكن عندهم أصل الولاية وعندهم أصل الإيمان والتقوى.

وهؤلاء الأصناف الثلاثة هم المصطفون الذين اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب ووعدهم بالجنة جميعا، لكن السابقون والمقتصدون يدخلون الجنة من أول وهلة، والظالمون لأنفسهم على حرف من دخول النار؛ لأنهم قصروا في بعض الواجبات أو فعلوا بعض المحرمات، فقد يعذبون في القبر كما في قصة الرجلين: من لم يستنزه من البول ومن يمشي بالنميمة عذبا في قبرهما، وقد يصيبه أهوال وشدائد في مواقف القيامة، وقد يُشفع فيه فلا يدخل النار وقد يدخل النار، فيدخل النار جملة منهم، وقد يطول مكثه في النار على حسب الجرائم والمعاصي، وإذا دخل النار يدخلها للتطهير، يطهر تطهيرا، يطهر من هذه السيئات التي اجترحها.

وبعضهم يطول مكثه كما تواترت الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر مؤمنون موحدون مصلون ولا تأكل النار وجوههم، لكن دخلوها بالمعاصي، ماتوا عليها من غير توبة: هذا مات على الزنا بغير توبة، هذا مات يتعامل بالربا من غير توبة، هذا مات على عقوق الوالدين، هذا مات على قطيعة الرحم، هذا مات على الغيبة والنميمة، هذا مات وهو يأكل أموال الناس بالباطل، هذا مات على الغش والخداع، هذا مات على أذية الجار، هذا مات على الغيبة والنميمة... وهكذا؛ المعاصي والكبائر ماتوا عليها من غير توبة فيطهرون منها بالنار.

من لم يتطهر بالتوبة ولم يعفُ الله عنه طهر بالنار، النار تكفيه، تطهره، التوبة طهارة إذا تاب تاب الله عليه ولا يعذب، إذا تاب قبل الموت فإن التوبة طهارة، فمن لم يتب قبل الموت قد يعفو الله عنه وقد يشفع فيه، وإن لم يعفُ الله عنه ولم يشفع فيه يطهر بالنار، الكِير، الكِير يطهر، فقد بقيت فيه نجاسة، المعاصي نجاسة، مثل الثوب الذي تصيبه النجاسة تغسله بالماء حتى يتطهر، فهذا العاصي يطهر بالنار حتى تزول عنه نجاسة المعاصي، فإذا طهر بالنار أخرجه الله من النار لأنه موحد بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين.

أما الكافر فلا حيلة فيه، الكافر نجاسته ليست نجاسة عينية فلا حيلة فيه ولا يطهر، النجاسة العينية مثل الكلب، الكلب مات لو تغسله آلاف المرات في البحار ما يطهر لأن النجاسة نجاسة عينية، كذلك الكافر لا حيلة فيه، الجنة عليه حرام ويبقى في النار، في الكير أبد الآبد -نعوذ بالله-، كما قال سبحانه: كذلك يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ قال الله تعالى في وصف هؤلاء الأصناف الثلاثة: ثم أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا هؤلاء الأصناف الثلاثة كلهم يدخلون الجنة، جنة عدن، لكن السابقون والمقتصدون يدخلونها من أول وهلة، والظالمون لأنفسهم على خطر، منهم من يعفى عنه فيدخلها من أول وهلة، ومنهم من يعذب في النار مدة ثم يخرج منها، هؤلاء أولياء الله.