صحيح مسلم شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين الدرس 192

شرح صحيح مسلم الدرس عدد 192 كتاب الصيام والإعتكاف
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. قال المصنف رحمه الله : وإذا ضاقت ، انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة ، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار ، وصفدت الشياطين ، فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم ، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره ، ولم يقل : إنهم قتلوا ولا ماتوا ، بل قال : ( صفدت ) ، والمصفد من الشياطين قد يؤذي ، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون فى غير رمضان ، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه ، فمن كان صومه كاملا ، دفع الشيطان دفعا لا يدفعه الصوم الناقص ، فهذه المناسبة ظاهرة فى منع الصائم من الأكل والشرب ، والحكم ثابت على وفقه ، وكلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف وتأثيره ، وهذا المنع منتف في الحقنة والكحل وغير ذلك .
  2. تعليق الشيخ .
  3. تنبيه أحد الطلاب على اختلاف النسخ .
  4. قال المصنف رحمه الله : فإن قيل : بل الكحل قد ينزل إلى الجوف ويستحيل دما . قيل : هذا كما قد يقال فى البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ ، فيستحيل دما ، وكالدهن الذي يشربه الجسم ، والممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة ، فيستحيل دما ويتوزع على البدن . ونجعل هذا وجها سادسا ، فنقيس الكحل والحقنة ونحو ذلك على البخور والدهن ونحو ذلك ، لجامع ما يشتركان فيه ، من أن ذلك ليس مما يتغذي به البدن ، ويستحيل فى المعدة دما ، وهذا الوصف هو الذي أوجب أن لا تكون هذه الأمور مفطرة ، وهذا موجود في محل النزاع ، والفرع قد يتجاذبه أصلان ، فيلحق كلا منهما بما يشبهه من الصفات .
  5. تنبيه على اختلاف النسخ و المقابلة مع نسخ الطلاب .
  6. قال المصنف رحمه الله : فإن قيل : فلو أخذ ترابا أو حصى أوغير ذلك مما لا يغذي غذاءا نافعا ، قيل : هذا تطبخه المعدة ، ويستحيل دما ينمي عنه البدن ، لكنه غذاء ناقص ، فهو كما لو أكل سما أو نحوه مما يضره ، وهو بمنزلة من أكل أكلا كثيرا أورثه تخمة ومرضا ، فكان منعه في الصوم عن هذا أوكد ، لأنه ممنوع عنه في الإفطار ، وبقي الصوم أوكد ، وهذا كمنعه من الزنا ، فإنه إذا منع من الوطء المباح ، فالمحظور أولى .
  7. تنبيه أحد الطلاب على اختلاف النسخ .
  8. تعليق الشيخ .
  9. هل الخرز إذا دخل الجوف يفطر أم لا ؟
  10. قال المصنف رحمه الله : فإن قيل : فالجماع مفطر ، و دم الحيض مفطر وهذه العلة منتفية فيهما ، قيل : تلك أحكام ثابتة بالنص والإجماع ، فلا يحتاج إثباتها إلى قياس ، بل يجوز أن تكون العلل مختلفة ، فيكون تحريم الطعام والشراب والفطر بذلك لحكمة ...
  11. تنبيه على اختلاف النسخ .
  12. قال المصنف رحمه الله : فيكون تحريم الطعام والشراب والفطر بذلك لحكمة ، وتحريم الجماع والفطر به لحكمة ، والفطر بالحيض لحكمة ، فإن الحيض لا يقال فيه إنه يحرم ، وهذا لأن المفطرات بالنص والإجماع ، لما انقسمت إلى أمور اختيارية تحرم على العبد ، كالأكل والجماع ، وإلى أمور لا اختيار له فيها كدم الحيض ، كذلك تنقسم عللها ، فنقول : أما الجماع ، فإنه باعتبار أنه سبب إنزال المني ، يجري مجرى الاستقاءة ، والحيض والاحتجام ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى ، فإنه من نوع الاستفراغ ، لا الامتلاء كالأكل والشرب ، ومن جهة أنه إحدى الشهوتين ، فجرى مجرى الأكل والشرب ، و قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن الله تعالى : قال : ( الصوم لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ) .
  13. تعليق الشيخ .
  14. قال المصنف رحمه الله : فترك الإنسان ما يشتهيه لله ، هو عبادة مقصودة يثاب عليها كما يثاب المحرم على ترك ما اعتاده من اللباس والطيب ونحو ذلك من نعيم البدن .
  15. تعليق الشيخ .
  16. قال المصنف رحمه الله : والجماع من أعظم نعيم البدن ، وسرور النفس وانبساطها ، وهو يحرك الشهوة والدم والبدن أكثر من الأكل ،
  17. تعليق الشيخ .
  18. قال المصنف رحمه الله : والجماع من أعظم نعيم البدن ، وسرور النفس وانبساطها ، وهو يحرك الشهوة والدم والبدن أكثر من الأكل ، فإذا كان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، والغذاء يبسط الدم الذي هو مجاريه ، فإذا أكل أو شرب انبسطت نفسه إلى الشهوات ، وضعفت إرادتها ومحبتها للعبادات ، فهذا المعنى في الجماع أبلغ ، فإنه يبسط إرادة النفس للشهوات ، ويضعف إرادتها عن العبادات أعظم ، بل الجماع هو غاية الشهوات ، وشهوته أعظم من شهوة الطعام والشراب .
  19. تعليق الشيخ .
  20. قال المصنف رحمه الله : بل الجماع هو غاية الشهوات ، وشهوته أعظم من شهوة الطعام والشراب ، ولهذا أوجب على المجامع كفارة الظهار ، فوجب عليه العتق أو ما يقوم مقامه بالسنة والإجماع ، لأن هذا أغلظ ، ودواعيه أقوى ، والمفسدة به أشد ، فهذا أعظم الحكمتين فى تحريم الجماع .
  21. تعليق الشيخ .
  22. قال المصنف رحمه الله : وأما كونه يضعف البدن كالاستفراغ ، فذاك حكمة أخرى ، فصار فيهما كالأ كل والحيض ، وهو في ذلك أبلغ منهما ، فكان إفساده الصوم أعظم من إفساد الأكل والحيض .
  23. كم مدة المسح على الخف للمقيم و المسافر ؟
  24. قال المصنف رحمه الله : فنذكر حكمة الحيض وجريان ذلك على وفق القياس ، فنقول : أن الشرع جاء بالعدل في كل شيء ، والإسراف في العبادات من الجور ، الذى نهى عنه الشارع ، وأمر بالاقتصاد فى العبادات ، ولهذا أمر بتعجيل الفطر وتأخير السحور ، ونهى عن الوصال وقال : ( أفضل الصيام وأعدل الصيام صيام داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى ) ، فالعدل في العبادات من أكبر مقاصد الشارع .
  25. مناقشة في الحكمة في حديث : ( ولا يفر إذا لاقى ) مع تعليق الشيخ .
  26. قال المصنف رحمه الله : ... ولا يفر إذا لاقى ) ، فالعدل في العبادات من أكبر مقاصد الشارع ، ولهذا قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )) الآية ، فجعل تحريم الحلال من الإعتداء المخالف للعدل ، وقال تعالى : (( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه )) ، فلما كانوا ظالمين ، عوقبوا بأن حرمت عليهم الطيبات ، بخلاف الأمة الوسط العدل فإنه أحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث .
  27. تعليق الشيخ .
  28. قال المصنف رحمه الله : وإذا كان كذلك ، فالصائم قد نهي عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب ، فينهى عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذى ، و إلا فإذا مكن من هذا ضره وكان متعديا في عبادته لا عادلا . والخارجات نوعان : نوع يخرج لا يقدر على الاحتراز منه ، أو على وجه لا يضره ، فهذا لا يمنع منه كالأخبثين ، فإن خروجهما لا يضره ولا يمكنه الاحتراز منه أيضا ، ولو استدعى خروجهما فإن خروجهما لا يضره بل ينفعه ، وكذلك إذا ذرعه القيء لا يمكنه الاحتراز منه ، وكذلك الإحتلام في المنام ، لا يمكنه الاحتراز منه ، وأما إذا استقاء فالقيء يخرج ما يتغذى به من الطعام والشراب المستحيل فى المعدة ، وكذلك الاستمناء مع ما فيه من الشهوة ، فهو يخرج المني الذي هو مستحيل فى المعدة عن الدم ، فهو يخرج الدم الذي يتغذى به ، ولهذا كان خروج المني إذا أفرط فيه يضر الإنسان ويخرج أحمر . والدم الذي يخرج بالحيض ، فيه خروج الدم ، والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدم في حال لا يخرج فيها دمها ، فكان صومها فى تلك الحال صوما معتدلا ، لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته ، وصومها فى الحيض ، يوجب ا أن يخرج فيه دمها ، الذي هو مادتها ويوجب نقصان بدنها وضعفها ،وخروج صومها عن الاعتدال ، فأمرت أن تصوم فى غير أوقات الحيض ، بخلاف المستحاضة ، فإن الاستحاضة تعم أوقات الزمان ، وليس لها وقت تؤمر فيه بالصوم ، وكان ذلك لا يمكن الاحتراز منه ، كذرع القيء وخروج الدم بالجراح والدمامل والاحتلام ونحو ذلك ، مما ليس له وقت محدد ، يمكن الاحتراز منه فلم يجعل هذا منافيا للصوم كدم الحيض .
  29. تعليق الشيخ .
  30. قال المصنف رحمه الله : وطرد هذا ، إخراج الدم بالحجامة والفصاد ونحو ذلك ، فإن العلماء متنازعون فى الحجامة ، هل تفطر الصائم أم لا ، و الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( أفطر الحاجم والمحجوم ) ، كثيرة قد بينها الأئمة الحفاظ ، وقد كره غير واحد من الصحابة الحجامة للصائم ، وكان منهم من لا يحتجم إلا بالليل ، وكان أهل البصرة إذا دخل شهر رمضان أغلقوا حوانيت الحجامين ، والقول بأن الحجامة تفطر ، مذهب أكثر فقهاء الحديث كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم ، وأهل الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم .
  31. تعليق الشيخ .
  32. قال المصنف رحمه الله : والذين لم يروا إفطار المحجوم ، احتجوا بما ثبت في الصحيح : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم ) ، وأحمد وغيره طعنوا فى هذه الزيادة وهي قوله : ( وهو صائم ) ، وقالوا : الثابت أنه احتجم وهو محرم ، قال أحمد : قال يحيى بن سعيد : قال شعبة : لم يسمع الحكم حديث مقسم فى الحجامة للصائم ، يعني حديث شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم ، قال مهنا : سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون ابن مهران عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم ، فقال : ليس بصحيح ، وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصاري ، قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله رد هذا الحديث فضعفه ، وقال : كانت كتب الأنصاري ذهبت في أيام المنتصر ، فكان بعد يحدث من كتب غلامه وكان هذا من تلك ، وقال مهنا : سألت أحمد عن حديث قبيصة عن سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ فقال : هو خطأ من قبل قبيصة ، وسألت يحيى عن قبيصة ، فقال : رجل صدق ، والحديث الذي يحدث به عن سفيان عن سعيد خطأ من قبله ، قال مهنا : سألت أحمد عن حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه و سلم احتجم وهو محرم صائم فقال : ليس فيه صائم ، إنما هو محرم ، ذكره سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس ، احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه وهو محرم ، وعن طاوس وعطاء مثله عن ابن عباس .
  33. تعليق الشيخ .
  34. قال المصنف رحمه الله : وعن عبدالرزاق عن معمرعن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله ، وهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صائما ، قلت : وهذا الذي ذكره الإمام أحمد ، هو الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ، ولهذا أعرض مسلم عن الحديث الذي ذكر حجامة الصائم ولم يثبت إلا حجامة المحرم ، وتأولوا أحاديث الحجامة بتأويلات ضعيفة .
  35. تنبيه من أحد الطلاب على اختلاف النسخ .
  36. قال المصنف رحمه الله : وتأولوا أحاديث الحجامة بتأويلات ضعيفة ، كقولهم كانا يغتابان ، وقولهم أفطرا لسبب آخر ،
  37. تعليق الشيخ .
  38. قال المصنف رحمه الله : وأجود ما قيل ، ما ذكره الشافعي وغيره أن هذا منسوخ ، فإن هذا القول كان في رمضان ، واحتجامه وهو محرم كان بعد ذلك ، لأن الإحرام بعد رمضان ، وهذا أيضا ضعيف ، بل هو صلوات الله عليه ، أحرم سنة ست عام الحديبية بعمرة في ذي القعدة ، وأحرم من العام القابل بعمرة القضية في ذي القعدة ، وأحرم من العام الثالث سنة الفتح من الجعرانة في ذي القعدة بعمرة ، وأحرم سنة عشر بحجة الوداع في ذي القعدة ، فاحتجامه صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم ، لم يبين في أي الإحرامات كان .