العقيدة التدمرية (تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع) شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين الدرس 8

شرح العقيدة التدمرية (تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع) الدرس الثامن
الخميس 4 جوان 2015    الموافق لـ : 16 شعبان 1436
تحميل الشريط

عناصر الشريط

  1. قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
  2. تفريغ المقطع 1

    الطالب : " ... والصفات ، وأما المثلان المضروبان : فإن الله - سبحانه وتعالى - أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات : من أصناف المطاعم والملابس والمناكح والمساكن ; فأخبرنا أن فيها لبنا وعسلا وخمرا وماء ولحما وحريرا وذهبا وفضة وفاكهة وحورا وقصورا وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء " . الشيخ : بالنسبة للإختبار إن شاء الله إلى هنا . يعني : وأما المثلان ؛ يكون في الاختبار الثاني . ليس معكم . بس اضبطوا ذاك ترى مهم جدا . الطالب : ... . الشيخ : المنتسب أليس يختبر مع غيره .؟ الطالب : نعم . الشيخ : خلاص مثل غيره , يقرأ الذي يبي , المهم يجيب لنا الجواب الصواب , إذا جاب لنا جوابا صوابا ... . الطالب : الأسئلة على الشرح أو الشارح .؟ الشيخ : الأسئلة .؟ على الشرح والكتاب . الطالب : من الكتاب . الشيخ : من الكتاب والشرح لأن الكتاب تعرفون فيه أشياء تحتاج إلى توضيح , نعم . الطالب : " وإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا وليست مماثلة لها ; بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله تعالى , فالخالق - سبحانه وتعالى - أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق , ومباينته لمخلوقاته أعظم من مباينة موجود الآخرة لموجود الدنيا , إذ المخلوق أقرب إلى المخلوق الموافق له في الاسم من الخالق إلى المخلوق , وهذا بين واضح . ولهذا افترق الناس في هذا المقام ثلاث فرق : فالسلف والأئمة وأتباعهم آمنوا بما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين ما في الآخرة وأن مباينة الله لخلقه أعظم . والفريق الثاني : الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب والعقاب ونفوا كثيرا مما أخبر به من الصفات ; مثل طوائف من أهل الكلام . والفريق الثالث : نفوا هذا وهذا كالقرامطة والباطنية والفلاسفة أتباع المشائين ونحوهم من الملاحدة الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر . ثم إن كثيرا منهم يجعلون الأمر والنهي من هذا الباب ; فيجعلون الشرائع المأمور بها والمحظورات المنهي عنها لها تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها كما يتأولون من الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وحج البيت ". الشيخ : عندي : " كما يتأولون الصلوات " بدون من . الطالب : لا فيها " من " . الشيخ : فيها من .؟ لا , " كما يتأولون الصلوات ". الطالب : " كما يتأولون الصلوات الخمس " . الشيخ : بالفتح .؟ الطالب : نعم . الشيخ : ولماذا .؟ الطالب : بالكسر لأنها جمع مؤنث سالم . الشيخ : أي نعم . الطالب : " وصيام شهر رمضان وحج البيت فيقولون : إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم , وإن صيام رمضان كتمان أسرارهم , وأن حج البيت السفر إلى شيوخهم ونحو ذلك من التأويلات التي يعلم بالاضطرار أنها كذب وافتراء على الرسل - صلوات الله عليهم - وتحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه وإلحاد في آيات الله , وقد يقولون الشرائع تلزم العامة دون الخاصة , فإذا صار الرجل من عارفيهم ومحققيهم وموحديهم رفعوا عنه الواجبات وأباحوا له المحظورات , وقد يدخل في المنتسبين إلى التصوف والسلوك من يدخل في بعض هذه المذاهب , وهؤلاء الباطنية هم الملاحدة الذين أجمع المسلمون على أنهم أكفر من اليهود والنصارى , وما يحتج به على الملاحدة أهل الإيمان والإثبات يحتج به كل من كان من أهل الإيمان والإثبات على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم " . الشيخ : عندي أنا : " يشارك ". الطالب : " على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم , فإذا أثبت لله تعالى الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات - كما دل على ذلك الآيات البينات - كان ذلك هو الحق الذي يوافق المعقول والمنقول ويهدم أساس الإلحاد والضلالات , والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه , فإن الله لا مثيل له ; بل له المثل الأعلى , فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوقات في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده , ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به , وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه , فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق , وإن حصلت موافقة في الاسم".
  3. مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " أن يقال : القول في الصفات كالقول في الذات , فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله . فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات . فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل سائر الصفات , فإذا قال السائل : كيف استوى على العرش ؟ قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما رضي الله عنهما : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية بدعة , لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ولا يمكنهم الإجابة عنه ... ".
  4. تفريغ المقطع 2

    الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد , تقدم لنا أصلان في باب الصفات , ووجوب إثبات جميع الصفات والأسماء لله , فالأصل الأول هو أن القول في بعض الصفات كالقول في بعض , وأن القول في الصفات كالقول في .؟ الطالب : الذات . الشيخ : لا , كالقول في الأسماء , عند من ينكرون الأسماء , يعني نقول لمن ينكر بعض الصفات دون بعض , القول في بعض الصفات كالقول في بعض , ونقول أمام من ينكر الصفات ويثبت لأسماء نقول القول في الصفات كالقول في الأسماء , ونقول عند من ينكر الأسماء والصفات , القول في الأسماء والصفات كالقول في الذات , واضح .؟ وهذا هو الأصل الثاني , أن نقول إن القول في الأسماء والصفات كالقول في الذات , شرح هذا يا عبد الله .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب زين , نقول له أنت إذا أثبت ذاتا فإن أثبت مع ذلك تمثيلا ... نعم كان في الأسماء والصفات تمثيلا , وإذا لم تثبت , لم يكن , كما أنك إذا ادعيت أن في إثبات الصفات والأسماء تمثيلا فإنه يلزمك أيضا في إثبات الذات , تمام . طيب يقول مالك وربيعة وغيرهما في الاستواء .؟ الطالب : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عن الكيفية ... . الشيخ : الإيمان به .؟ الطالب : الإيمان به واجب . الشيخ : إيه ليس بالكيفية . الطالب : والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة . الشيخ : السؤال عن الكيفية , نعم استرح . الأخ الذي في الآخر اللي وراء، قوله الاستواء معلوم , وش يقصدون معلوم إيش .؟ يعني معلوم كيفية الاستواء .؟ الطالب : ... . الشيخ : الكيفية لا يمكن لأحد أن يعرف كيف استوى أبدا , هذا . لو قيل لك كيف يجلس الرئيس مثلا على سريره تستطيع تعرف كيف يجلس .؟ وهو مخلوق يمكن تصل إليه وتعرف وتشوف , إذا الخالق من باب أولى ألا تعرف كيفيتها , أجل وش معنى الاستواء معلوم .؟ الطالب : ... . الشيخ : لكن ليس معلوما ثبوته , قصدك معلوما ثبوته لأن الشرع دل عليه , لا ليس هذا . اجلس , راجع , لا تظن أن المسألة سهلة. الطالب : ... أي معلوم الاستواء في اللغة . الشيخ : شلون معلوم , معلوم إيش .؟ الطالب : ... . الشيخ : إذا معلوم المعنى . حطوا بالكم الاستواء معلوم يعني معلوم المعنى , كل يعرف معنى الاستواء , طيب استرح . وش معناه يا أخ.؟ الطالب : معنى الاستواء أي لا كيفية له . الشيخ : ما معنى الاستواء .؟ الطالب : ... . الشيخ : ليس معنى إيماننا , ما معنى الاستواء .؟ الطالب : العلو والارتفاع . الشيخ : وش بعد .؟ لأن العلو والارتفاع معناه واحد , العلو والاستقرار . طيب تأتي لنا بشاهد من القرآن على أن معنى العلو هو الارتفاع والاستقرار .؟ الطالب : قول الله سبحانه وتعالى في سفينة نوح : (( واستوت على الجودي )) وقال : (( لتستووا على ظهوره )) . الشيخ : نعم أحسنت (( لتستووا على ظهوره )) يعني : ما خلق لنا من الفلك والأنعام , وقال في سفينة نوح : ثم (( استوت على الجودي )) . طيب ما معنى قولهم الكيف مجهول .؟ الطالب : ... . الشيخ : ما نريد لماذا كان مجهولا , أنا أقول وش معنى الكيف مجهول . الطالب : ما يعلم البشر كيفيته . الشيخ : أحسنت , لا يعرف البشر كيفية استواء الله على العرش . طيب هل له كيفية استواءه على العرش , الطالب : نعم له كيفية . الشيخ : لكن لا ندركها , بارك الله فيك , لماذا .؟ الطالب : ... . الشيخ : لأنه لم ترد النصوص في الكيفية , أخبرنا الله أنه استوى ولم يخبرنا كيف استوى . هل يجوز أن نحاول تصور هذه الكيفية .؟ الطالب : لا يجوز . الشيخ : لا يجوز .؟ لماذا .؟ الطالب : لأنه لم يرد عن الصحابة ... . الشيخ : لا , ما نحن سائلين , نريد أن نتصور فقط , كل واحد بنفسه يتصور كيفية معينة عن استواء الله على العرش .؟ الطالب : لا يستطيع إدراكه ... . الشيخ : لأنه محاولة لما لا يمكن , وش الدليل أنه لا يمكن .؟ الطالب : ... . الشيخ : نريد دليلا , أنت الآن عللت .؟ على أنه لا يمكن أن نحيط بهذا الشيء .؟ الطالب : ... . نعم قول الله تعالى : (( ولا يحيطون به علما )) فإذا كان ما يمكن الإحاطة بعلمه كيف تتصور كيف استوى . وهناك تعليل آخر , قلنا كل إنسان يحاول أن يتصور كيفية صفة من صفات الله فإنه لا بد أن يؤول به الأمر إلى واحد من أمرين كلاهما فاسد , ما هما .؟ إما أن يعطل , وإما أن يمثل , لابد , كل واحد يحاول أن يعرف كيفية صفات من صفات الله فهو بين أمرين : ... أو يمثل , وكلاهما فاسد, لا الإنكار ولا التمثيل , طيب . يقول إن الإيمان بالاستواء واجب , لماذا كان واجبا .؟ الطالب : لأنه جاء ... . الشيخ :لأنه جاء به الشرع , تمام أحسنت , وما جاء به الشرع وجب علينا قبوله والإيمان به , أحسنت . السؤال عنه بدعة , لماذا.؟ الطالب : ... . الشيخ : من حيث إنه بدعة .؟ يعني واحد يسأل عن كيفية استواء الله على العرش أو نزوله نقول هذا بدعة , ليش .؟ الطالب : ما يمكن الإجابة عنه . الشيخ : ما يمكن الإجابة عليه ما يعلل كونه بدعة , معناه لا يجوز البحث فيه , يعني ليس كل ما يحرم يسمى بدعة , يحرم الغش ولا نقول إن الغش بدعة , يحرم الكذب ولا نقول الكذب بدعة .؟ أمس شرحناها . اجلس . الطالب : ... . الشيخ : لم يسأل الصحابة رسول الله , نعم أحسنت . كل ما يتصل بالله عز وجل من العقيدة فهو عبادة , أليس كذلك .؟ وكل عبادة لم تكن في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام فهي بدعة , هذا السبب, أما الذي قاله الأخ التعليل هذا هل يجوز أن نسأل أو ما نسأل نقول ما يجوز أن نسأل , وأما البدعة فهذا باعتبار أن السلف ما سلكوا هذه الطريقة . نبدأ بالدرس الجديد , الباقي واضح إن شاء الله .
  5. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما المثلان المضروبان : فإن الله - سبحانه وتعالى - أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات من أصناف المطاعم والملابس والمناكح والمساكن ; فأخبرنا أن فيها لبنا وعسلا وخمرا وماء ولحما وحريرا وذهبا وفضة وفاكهة وحورا وقصورا وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء . وإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا وليست مماثلة لها ; بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله تعالى فالخالق - سبحانه وتعالى - أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق , ومباينته لمخلوقاته أعظم من مباينة موجود الآخرة لموجود الدنيا , إذ المخلوق أقرب إلى المخلوق الموافق له في الاسم من الخالق إلى المخلوق , وهذا بين واضح , ولهذا افترق الناس في هذا المقام ثلاث فرق : فالسلف والأئمة وأتباعهم : آمنوا بما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين ما في الآخرة وأن مباينة الله لخلقه أعظم . ".
  6. تفريغ المقطع 3

    الشيخ : قال : " وأما الْمَثَلَانِ الْمَضْرُوبَانِ : فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَخْبَرَنَا عَمَّا فِي الْجَنَّةِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ " عندي أنا إصابة المطاعم . أو أصناف .؟ الطالب : أصناف . الشيخ : " من أَصْنَافِ الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ والمناكح وَالْمَسَاكِنِ ؛ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ فِيهَا لَبَنًا وَعَسَلًا وَخَمْرًا وَمَاءً وَلَحْمًا وَحَرِيرًا وَذَهَبًا وَفِضَّةً وَفَاكِهَةً وَحُورًا وَقُصُورًا , وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( لَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إلَّا الْأَسْمَاءَ ) وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهَا هِيَ مُوَافِقَةٌ فِي الْأَسْمَاءِ لِلْحَقَائِقِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لَهَا ؛ بَلْ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَايُنِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَالْخَالِقُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْظَمُ مُبَايَنَةً لِلْمَخْلُوقَاتِ مِنْ مُبَايَنَةَ الْمَخْلُوقِ لِلْمَخْلُوقِ , وَمُبَايَنَتُهُ لِمَخْلُوقَاتِهِ أَعْظَمُ مِنْ مُبَايَنَةِ مَوْجُودِ الْآخِرَةِ لِمَوْجُودِ الدُّنْيَا , إذْ الْمَخْلُوقُ أَقْرَبُ إلَى الْمَخْلُوقِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي الِاسْمِ مِنْ الْخَالِقِ إلَى الْمَخْلُوقِ وَهَذَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ , ولهذا افترق الناس ... ". هذا المثل يريد المؤلف رحمه الله أن يقرب به الموضوع , وهو إتفاق الأشياء في الأسماء مع اختلافهما في الحقائق ، ذكر الله في الجنة أن فيها ذهباً وفيها عسلا , وأن فيها قصورا وفيها أنهارا إلى آخر ما ذكر. هذه الأشياء التي ذكر الله في الجنة هل يوجد لها نظير في الدنيا.؟ أما في الحقيقة فلا , وأما في الاسم فنعم , لأنه لو لم يوجد له اسم كما سبق ، ما أمكننا أن نتصور ذلك , وهذا تقدم معنا قريبا . نقول هذه الموجودات في الآخرة نعم موجود نظيرها في الاسم فقط أو في التسمية فقط , موجود في الدنيا , ففي الدنيا ذهب وفي الجنة ذهب , في الدنيا عسل وفي الجنة عسل , وفي الدنيا فاكهة وفي الجنة فاكهة , وفي الدنيا نخل وفي الجنة نخل , وفي الدنيا رمان وفي الجنة رمان , وهكذا , طيب هل هذه الشياء التي اتفقت في الأصل في أصل المعنى , هل يلزم أن تتفق في حقيقته أو ما يلزم .؟ لا يلزم , ولاشك أن ما في الآخرة لا يمكن أن يكون مثل ما في الدنيا , وقد قال الله تعالى : (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )) وفي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) . إذاً الحقائق غير الحقائق , والأسماء واحدة ، لكن الحقائق غير الحقائق , فإذا إجاز أن تتوافق المخلوقات في الأسماء مع الاختلاف في الحقيقة , فذلك فيما بين الخالق والمخلوق أبين وأظهر ، فإذا قلنا للخالق رحمة وللمخلوق رحمة , وللخالق حكمة وللمخلوق حكمة , وللخالق سمع وللمخلوق سمع , هل يلزم من ذلك أن يكونا متماثلين .؟ لا يلزم , إذا قيل هل لنا مثال يقرب هذا الموضوع . وش نقول .؟ نقول نعم , عندنا مثال يقرب هذا الموضوع ، ونمثل بما ذكر المؤلف . ما ذكر في الآخرة من النعيم موجود له النظير في الاسم في الدنيا ومع ذلك لا يلزم من التماثل في الاسم أن يتماثلا في الحقيقة ، فإذا جاز التباين بين المخلوقات المتفقة في الأسماء ، التباين في حقائقها , فالتباين فيما بين الخالق والمخلوق من باب أولى . ثم ذكر المؤلف رحمه الله أقسام الناس بالنسبة لما يتعلق بالله من الأسماء والصفات , وبالنسبة لما في الآخرة من هذه الأمور . فقال : " وَلِهَذَا افْتَرَقَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَقَامِ ثَلَاثَ فِرَقٍ : فَالسَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ وَأَتْبَاعُهُمْ آمَنُوا بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِالْمُبَايَنَةِ الَّتِي بَيْنَ مَا فِي الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مُبَايَنَةَ اللَّهِ لِخَلْقِهِ أَعْظَمُ " . السلف والأئمة آمنوا بأن الأمرين على الحقيقة , ما أخبر الله به عن نفسه وما أخبر به عن الآخرة , أن ذلك كله حق , وعلى حقيقته , لكن مع التباين بين ما في الدنيا وما في الآخرة , وبين ما للمخلوق وما للخالق . أليست هذه عقيدتنا الآن .؟ نؤمن بأن ما في الآخرة فهو حق , وما في الدنيا مما هو يماثله في الاسم فهو حق , ولكننا نؤمن أيضا بالفرق العظيم بين هذا وهذا . كذلك نؤمن بأن ما وصف الله به نفسه وما أخبر به عنها فهو حق , وكذلك ما للإنسان من ذلك فهو حق أيضا , ولكننا نؤمن بالفرق العظيم بين هذا وبين هذا . واضح يا جماعة .؟
  7. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " والفريق الثاني : الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب والعقاب ونفوا كثيرا مما أخبر به من الصفات ; مثل طوائف من أهل الكلام والفريق الثالث : نفوا هذا وهذا كالقرامطة والباطنية والفلاسفة أتباع المشائين ونحوهم من الملاحدة الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر , ثم إن كثيرا منهم يجعلون الأمر والنهي من هذا الباب ; فيجعلون الشرائع المأمور بها والمحظورات المنهي عنها لها تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها كما يتأولون من الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وحج البيت فيقولون : إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم, وأن صيام رمضان كتمان أسرارهم , وأن حج البيت السفر إلى شيوخهم ونحو ذلك من التأويلات التي يعلم بالاضطرار أنها كذب وافتراء على الرسل - صلوات الله عليهم - وتحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه وإلحاد في آيات الله , وقد يقولون الشرائع تلزم العامة دون الخاصة فإذا صار الرجل من عارفيهم ومحققيهم وموحديهم رفعوا عنه الواجبات وأباحوا له المحظورات ".
  8. تفريغ المقطع 4

    الشيخ : طيب " وَالْفَرِيقُ الثَّانِي : الَّذِينَ أَثْبَتُوا مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَنَفَوْا كَثِيرًا مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ ؛ مِثْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ". الأشعرية يقولون : ما أخبر الله به من الثواب والعقاب هذا حق ، ففي الدنيا نار وفي الآخرة نار , وفي الدنيا فاكهة ونخل ورمان وعسل وماء وذهب وفضة ولؤلؤ , وفي الجنة كذلك ... , لكنهم يؤمنون هؤلاء الأشعرية وأهل الكلام الذين أشار إليهم المؤلف بأن ذلك حق في هذا وفي هذا ، وأنهما لا يتمثالان , يؤمنون بأنهما لا يتماثلان لكن ما أخبر الله به عن نفسه يؤمنون به أو لا .؟ ينفون كثيراً منه ، ولهذا قال : " نفوا كثيراً مما أخبر به من الصفات ". فنقول فالحكمة كما سبق والرحمة والعزة بل أكثر صفات الله نفوها ، ما أثبتوا من الصفات سوى سبع صفات , ... هؤلاء أخطأوا في شيء وأصابوا في شيء . بالنسبة لما أثبتوه من الثواب والعقاب في الآخرة وأنه حق على حقيقته , وأنه لا يماثل مافي الدنيا ، صواب أو خطأ ... فهذا صواب . وبالنسبة لما نفوه من صفات الله هذا خطأ , والواجب عليهم إذا أقروا بذلك أن يقروا بهذا أيضا , لأن البابين واحد , بل المفارقة بين الخالق والخلوق أعظم من المفارقة بين المخلوقات بعضها مع بعض . لماذا .؟ لأن التشابه بين المخلوق والمخلوق أقرب من التشابه بين الخالق والمخلوق . " وَالْفَرِيقُ الثَّالِثُ : نَفَوْا هَذَا وَهَذَا كَالْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ أَتْبَاعِ الْمَشَّائِينَ " . كيف نفوا هذا وهذا .؟ قالوا لا حقيقة للجنة ولا ما فيها من النعيم ولا حقيقة لأسماء الله وصفاته ، كل هذا ليس له أصل ولا حقيقة . طيب : الرسل أخبرت بالجنة والنار ، والوعد والوعيد ، قالوا : نعم هذا المقصود به إصلاح الخلق ، كذبوا على الخلق لأجل المصلحة ، لأن الخلق إذا لم يقل لهم إن فيه نارا يعاقب بها من خالف وجنة يثاب بها من وافق ، إذا لم يقل لهم ذلك ، هل يوافقون ولا ما يوافقون ... ما يوافقون . إذا لم يخوفوا ولم يرغبوا ما خافوا وما رغبوا . قالوا : فالرسل كذبوا على الناس للمصلحة وإلا هم يعلمون الرسل والعياذ بالله , وهذا كذب أيضا منهم , الرسل تعلم بأن ما أخبرت به عن اليوم الآخر لا حقيقة له . وأظن هذا درستموه فيما سبق معنا , هم يقولون , هؤلاء نفوا حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه , ونفوا حقيقة ما أخبر الله به عن اليوم الآخر و وقالوا : كل ذلك ليس له أصل وليس له حقيقة . يقول : " وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ حَقَائِقَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ " يقولون كل هذا ما له حقيقة إطلاقا , وإنما جاءت به الرسل لأجل التمويه على الناس وإصلاح طرقهم . " ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَجْعَلُونَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ؛ فَيَجْعَلُونَ الشَّرَائِعَ الْمَأْمُورَ بِهَا وَالْمَحْظُورَاتِ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا لَهَا تَأْوِيلَاتٌ بَاطِنَةٌ تُخَالِفُ مَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا " مثاله " كَمَا يَتَأَوَّلُونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ فَيَقُولُونَ : إنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مَعْرِفَةُ أَسْرَارِهِمْ " . الصلوات ليست أنك تركع وتسجد , ولكنك تعرف أسرارهم التي عندهم ، لأنهم هم باطنية كما عرفتم , يرون أن الدين له ظاهر وباطن . فالظاهر لعوام الناس ، والباطن لخواص الناس ، طيب الصلاة التي أمر الله بها ، قالوا الصلاة التي أمر الله بها أن تعرف أسرار هذه الطائفة , لا أن تصلي لله مستقبل القبلة في اليوم خمس مرات . " وأن صيام رمضان كتمان أسرارهم " الصلاة أن تعلم ، والصيام أن تكتم ، لأنهم يقولون إن الصلاة من الصلة ، وكلما كان الإنسان أقوى صلة بالشخص كان أدرى بأسرارهم , فالصلاة إذا معرفة الأسرار . الصيام لغة الإمساك ، فكونك تمسك عن الكلام فيما علمت من أسرارهم هذا هو الصيام . طيب الحج : " وأن حج البيت السفر إلى شيوخهم " لأن الحج معناه القصد , فيقولون معنى الحج أنك تقصد المشايخ تسافر إليهم, لا تقصد الكعبة وتحج إليها , لا , تقصد هؤلاء . " وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهَا كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَتَحْرِيفٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَإِلْحَادٌ فِي آيَاتِ اللَّهِ , وَقَدْ يَقُولُونَ الشَّرَائِعُ تَلْزَمُ الْعَامَّةَ دُونَ الْخَاصَّةِ , فَإِذَا صَارَ الرَّجُلُ مِنْ عَارِفِيهِمْ وَمُحَقِّقِيهِمْ وَمُوَحِّدِيهِمْ رَفَعُوا عَنْهُ الْوَاجِبَاتِ وَأَبَاحُوا لَهُ الْمَحْظُورَاتِ " . يقولون الآن وصلت إلى الغاية ، والعبادات والشرائع إنما هي وسائل, ... عندما تذهب من هنا إلى الرياض تمشي مع الطريق , إذا وصلت إلى الرياض ألقيت العصا وانتهيت , ما حاجة لك في الطريق الآن , لأنك وصلت إلى الغاية , هم يقولون إذا وصلت إلى هذه الغاية المعينة سقطت عنك الواجبات ، وأبيحت لك جميع المحظورات ، حتى إنهم يجوزون للرجل أن يتزوج ابنته وأمه والعياذ بالله ، لأنهم يقولون ما عليه حرام , يجوزون للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء . وقد سمعت من الحجاج القادمين من إفريقيا وما أكثر المتصوفة فيهم، أن بعض مشايخهم يتزوج من بنات الحي ما شاء , وبدون إملاك وبدون مهر وبدون أي شيء , قالوا عندنا شيخ عنده خمسون امرأة تزوجها , يعني تعدى الرسول عليه الصلاة والسلام , وكل هذا من الكفر الصريح الواضح , كما قال المؤلف : " وإلحاد في آيات الله " وإلا من الذي تسقط عنه الشرائع , الشرائع ما تسقط عن أحد أبدا , ما تسقط إلا عن إنسان مستكبر أسقطها عن نفسه , وأما أن تسقط بشرع من الله فلا . ويذكر أن عبد القادر الجيلاني رحمه الله وهو من علماء الحنابلة وهو صوفي أيضاً ، لكنه صوفيته معتدلة ، يقول إنه رأى ليلة من الليالي نوراً , فخوطب من هذا النور بأني ربك , ثم قال هذا المخاطب : وقد أسقطت عنك الصوات , طيب الله يقول هكذا .؟ ما يقول ,فلما قال هذا ، قال له : كذبت ولكنك شيطان ، يقول : فلما قلت ذلك تبدد النور ولم أر شيئا ، وهذا صحيح لأن الشيطان ألقى هذا الضوء وتكلم بهذا الخطاب . وقد يلقي الشيطان خطابا حتى في كلام الله (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ )) . حينئذ عرف أنه لا يمكن أن يكون الله تعالى يضع عنه الصلوات . والله أعلم .
  9. قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
  10. تفريغ المقطع 5

    الطالب : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , قال رحمه الله تعالى : " وهؤلاء الباطنية هم الملاحدة الذين أجمع المسلمون على أنهم أكفر من اليهود والنصارى , وما يحتج به على الملاحدة أهل الإيمان والإثبات يحتج به كل من كان من أهل الإيمان والإثبات على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم , فإذا أثبت لله تعالى الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات - كما دل على ذلك الآيات البينات - كان ذلك هو الحق الذي يوافق المعقول والمنقول ويهدم أساس الإلحاد والضلالات, والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه فإن الله لا مثيل له ; بل له المثل الأعلى , فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوقات في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده , ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى , وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به , وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه , فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق , وإن حصلت موافقة في الاسم . وهكذا القول في المثل الثاني : وهو أن الروح التي فينا , فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية , وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء , وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة , والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزءا من البدن أو صفة من صفاته , كقول بعضهم أنها النفس أو الريح التي تردد في البدن , وقول بعضهم : إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن , ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم , وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود , فيقولون : لا هي داخلة في البدن ولا خارجة ولا مباينة له ولا مداخلة له ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض , وقد يقولون : أنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة , وقد يقولون : إنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة , وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها , مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية , فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع , وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل , قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات ممكنة موجودة وهي غير مشار إليها , وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في العيان ; فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال ".
  11. مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما المثلان المضروبان : فإن الله - سبحانه وتعالى - أخبرنا عما في الجنة من المخلوقات من أصناف المطاعم والملابس والمناكح والمساكن ; فأخبرنا أن فيها لبنا وعسلا وخمرا وماء ولحما وحريرا وذهبا وفضة وفاكهة وحورا وقصورا وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء . وإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا وليست مماثلة لها ; بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله تعالى فالخالق - سبحانه وتعالى - أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق , ومباينته لمخلوقاته أعظم من مباينة موجود الآخرة لموجود الدنيا , إذ المخلوق أقرب إلى المخلوق الموافق له في الاسم من الخالق إلى المخلوق , وهذا بين واضح , ولهذا افترق الناس في هذا المقام ثلاث فرق : فالسلف والأئمة وأتباعهم : آمنوا بما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين ما في الآخرة وأن مباينة الله لخلقه أعظم , والفريق الثاني : الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب والعقاب ونفوا كثيرا مما أخبر به من الصفات ; مثل طوائف من أهل الكلام والفريق الثالث : نفوا هذا وهذا كالقرامطة والباطنية والفلاسفة أتباع المشائين ونحوهم من الملاحدة الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر , ثم إن كثيرا منهم يجعلون الأمر والنهي من هذا الباب ; فيجعلون الشرائع المأمور بها والمحظورات المنهي عنها لها تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون منها كما يتأولون من الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وحج البيت فيقولون : إن الصلوات الخمس معرفة أسرارهم, وأن صيام رمضان كتمان أسرارهم , وأن حج البيت السفر إلى شيوخهم ونحو ذلك من التأويلات التي يعلم بالاضطرار أنها كذب وافتراء على الرسل - صلوات الله عليهم - وتحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه وإلحاد في آيات الله , وقد يقولون الشرائع تلزم العامة دون الخاصة فإذا صار الرجل من عارفيهم ومحققيهم وموحديهم رفعوا عنه الواجبات وأباحوا له المحظورات . ".
  12. تفريغ المقطع 6

    الشيخ : بسم الله الرحن الرحيم , المؤلف رحمه الله ضرب لبيان إمكان وصف الله تبارك وتعالى بما يليق به , وأنه لا يلزم من وصفه بما يليق به أن يكون مماثلا للمخلوق , ضرب لهذا مثلين , المثل الأول .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب , كمل إيضاح المثل . الطالب : ... . الشيخ : يعني فإذا جاز التباين بين المخلوقات مع اتفاقها في الاسم , فالتباين بين الخالق والمخلوق من باب أولى , هذا هو المثل , استرح , فاهمين هذا المثل الآن , يقول نحن نعلم أن في الجنة أشياء اتفقت مع ما في الدنيا في الأسماء أو لا واختلفت في الحقائق , في حقائق هذا المسمى , فإذا جاز هذا بين المخلوقات , فجوازه بين الخالق والمخلوق أولى , وأظن هذا المثل بيّن جدا , يعني أن هذا أمر ليس ممتنعا في العقل , وهو التوافق في الاسم والاختلاف في الحقيقة , واضح .؟ طيب ثم ذكر بعد ذلك أن الناس انقسموا يا أخ .؟ انقسموا في هذا الباب .؟ الطالب : إلى ثلاثة أقسام . الشيخ : نعم . الطالب : مذهب السلف والأئمة ... . الشيخ : لا باقي عليك , لا بد أن نشير إلى هذا المثل الذي ذكرت. أقول المؤلف ذكر كلام السلف وأتباع الرسل أنهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الحقائق , وش بعد .؟ الطالب : ... . الشيخ : هذا من تكميل الأول , لكن نريد شيئا آخر . نعم صالح .؟ الطالب : يؤمنون بما أخبر الله عن نفسه من الأسماء والصفات وعن باليوم الآخر , مع علمهم بالمباينة التي بين ما في الدنيا وبين ما في الآخرة ... وأن مباينة الله أعظم من مباينة المخلوق للمخلوق . الشيخ : طيب استرح , المهم الآن أنهم يثبتون ما ذكر الله عن نفسه وعن اليوم الآخر , فهو قم يا أخ .؟ الطالب : ... . الشيخ : حق ثابت على الحقيقة , مع أنهم يعتقدون التباين بين هذه الأشياء , بينما التباين بين الخالق والمخلوق وصفاته وبين ما في الجنة وفي الدنيا من هذه الأشياء . طيب استرح . الفريق الثاني .؟ الطالب : يثبتون لله بعض الصفات دون بعض ... . الشيخ : مع إثباتهم .؟ الطالب : ... . الشيخ : لا , ما أقصد من هو , ما هو طريقتهم .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب استرح , عرفت يا أخ الفريق هؤلاء قالوا ما خبر الله به عن اليوم الآخر فهو حق , نؤمن بأنه حق , وأنه أيضا مباين لما في الدنيا , مفهوم , لكن بالنسبة لصفات الله ينفون منها شيئا وبعضهم ينفيها كلها , طيب استرح ؛ الفريق الثالث .؟ الطالب : ... . الشيخ : أحسنت يتأولون في هذا وفي هذا , يقولون ما أخبر الله به عن نفسه فليس بحقيقة , وما أخبر به عن اليوم الآخر فليس بحقيقة أيضا . الطالب : ... . الشيخ : لا خلي هذا شيء آخر ؛ المهم بالنسبة للأمور الغيبية والأخبار يتأولون فيما أخبر الله به عن نفسه وبما أخبر به عن اليوم الآخر , طيب استرح ؛ هؤلاء هم أهل التخييل من الباطنية وغيرهم , وهم بالنسبة للأمر والنهي يا عبد الله .؟ الطالب : يأولون الشرائع . الشيخ : يأولون الشرائع . الطالب : يقولون الصلاة هي ... والصيام . الشيخ : لا بعد , حتى يعرف .؟ الطالب : حتى يعرف أسرارهم , والصيام هو كتم أسرارهم , والحج القصد إلى شيوخهم . الشيخ : زيارة المشايخ , زين , وأن الأوامر الشرعية يأمر بها .؟ الطالب : العامي . الشيخ : العامة دون الخاصة , طيب استرح , طبعا هذا التقسيم إلى هذه الفرق الثلاث خارج عن موضوع المثل , لكن المؤلف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لكثرة علمه وغزارته يستطرد , العلوم في ذهنه تتلاحق , وإلا مسألة تقسيم الناس في هذا الباب إلى ثلاث طرق ليس هذا موضعه , هذا جاء به استطرادا , المهم هو ضرب هذا المثل , وبيان أن الأشياء ربما تتفق في اسمها وتختلف في حقيقتها , نعم طيب آخر ما قرأتم الآن .؟
  13. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وما يحتج به على الملاحدة أهل الإيمان والإثبات يحتج به كل من كان من أهل الإيمان والإثبات على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم ".
  14. تفريغ المقطع 7

    الشيخ : قال المؤلف " وَمَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ يَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى مَنْ يُشْرِكُ " أو عندي من يشارك " هَؤُلَاءِ فِي بَعْضِ إلْحَادِهِمْ " . أي نعم , يعني قصد المؤلف رحمه الله أن هناك من أهل الإثبات يحتجون على هؤلاء المنكرين لحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر , يحتجون عليهم بحجج عقلية ، هذه الحجة التي يحتج بها هؤلاء على هؤلاء , يحتج بها أهل الإثبات المطلق على هؤلاء الذين يثبتون بعضاً وينكرون بعضا . فقوله رحمه الله : " وَمَا يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْمَلَاحِدَةِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِثْبَاتِ يَحْتَجُّ بِهِ " أيضا أهل الإثبات على هؤلاء الذين شاركوهم في بعض إلحادهم , مثال ذلك الأشاعرة والمعتزلة يثبتون حقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر ، المعتزلة يقولون ما أخبر الله به عن اليوم الآخر حق , ففيه يوم آخر وثواب وعقاب إلى آخره . لكنهم ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه ، إما إنكاراً كلياً كالمعتزلة ، أو إنكاراً جزئياً كالأشاعرة , مفهوم .؟ هؤلاء الجماعة يحتجون على الذين ينكرون حقائق اليوم الآخر مثل من .؟ مثل الباطنية ، والذين سماهم المؤلف في الحموية أهل التخييل, الذين يقولون هذه الأمور التي أخبر الله بها عن اليوم الآخر خيال مالها حقيقة . يحتجون عليهم بأي شيء .؟ يقولون نحن نعلم أن الرسل , نعلم بالاضطرار علم ضروري , أن الرسل جاؤوا بإثبات المعاد حقيقة , هذا أمر ضروري أو لا .؟ ضروري , لأن الرسل جاءت بهذا , كل الرسل يؤمنون بذلك , وجاؤوا به وأيدوه وأكدوه , يقولون وقد علمنا فساد الشبهة المانعة منه , الشبهة المانعة من الإيمان بيوم البعث شبهة فاسدة , لأن أقوى ما احتج به من أنكره قال : (( من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )) . إذا ثبت بالدليل حقيقة اليوم الآخر , وانتفت الشبهة المانعة منه بالدليل أيضا , إذا وجد الشيء بالدليل وانتفى مانعه , فما الواجب علينا نحوه .؟ إنكاره أو الإيمان به .؟ الإيمان به وإثباته , أليس كذلك .؟ طيب هؤلاء احتجوا على الملاحدة الباطنية وغيرهم , احتج عليهم أهل الإثبات المطلق وهم أهل السنة والجماعة , وأهل الإثبات الجزئي مثل الأشاعرة والمعتزلة , لأن هذان يثبتون حقائق اليوم الآخر , احتجوا على الملاحدة الذين ينكرون بهذه الحجة التي سمعتم , ما يحتج به هؤلاء أهل الإثبات الجزئي , على الملاحدة لإثبات اليوم الآخر , يحتج به أهل الإثبات المطلق الذين يثبتون حقيقة ما أخبر به عن اليوم الآخر وما أخبر به عن نفسه , وهم أهل السنة والجماعة , يحتجون به على من .؟ الطالب : على الأشاعرة . الشيخ : على الأشاعرة والمعتزلة الذين أنكروا حقائق ما أخبر الله به عن نفسه , فيقولون : نحن نعلم بالضرورة , علما ضروريا أن الرسل جاءت بإثبات صفات الكمال لله أو لا .؟ ولاحظوا لو قارنتم بين آيات المعاد وآيات الأسماء والصفات في القرآن , لوجدتم , الجواب.؟ لوجدتم أن آيات الأسماء والصفات في القرآن أكثر بكثير من آيات المعاد أو لا , طيب وكذلك أيضا بالنسبة للكتب السابقة , كالتوراة والإنجيل في إثبات الصفات أكثر منها في إثبات المعاد , بل إنهم يقولون : إنه ما جاء تقرير المعاد وإثباته في كتاب أبلغ من القرآن لأنه يخاطب من ينكرونه , على كل حال نقول : قد علم بالضرورة أن الرسل جاؤوا بإثبات صفات الكمال لله صح أو لا , وقد علمنا فساد الشبهة المانعة منه , أي من إثبات الصفات , وش الشبهة المانعة منه.؟ حجتهم كما مر , أن ذلك يقتضي التشبيه والتجسيم وما أشبه ذلك , هذه الشبهة هل هي واردة أو باطلة .؟ باطلة , لأننا نثبت الشيء بدون تشبيه , كما أثبتم أنتم أيها الأشاعرة والمعتزلة أثبتم حقائق اليوم الآخر بدون تشبيه , يقولون الآن في الجنة وفي النار ثواب وعقاب لكن ما يشبه عقاب الدنيا وثوابها , بل هو أعظم وأعظم بكثير أرجوا الانتباه يا جماعة , فإذا ما يحتج به هؤلاء على الملاحدة يحتج به أهل السنة على هؤلاء , وقد علمتم الآن أن الدليل هو نفس الدليل, قد علم بالضرورة أن الرسل جاءت بإثبات الصفات لله , وأن الشبهة المانعة من ذلك فاسدة ، فيجب علينا بعد ذلك القول به , كما قلتم أنتم بالنسبة للملاحدة إنه قد علم بالضرورة أن الرسل جاءت بإثبات المعاد وقد علم فساد الشبهة المانعة منه , فيجب علينا القول به . " على من يشرك هؤلاء في بعض إلحادهم " طيب في بعض إلحادهم , ما هذا البعض .؟ إنكار حقائق صفات الله ، هذا الإلحاد ، لأن هؤلاء ينكرون حقائق اليوم الآخير والصفات , وهؤلاء ينكرون حقائق الصفات دون اليوم الآخر ... .
  15. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإذا أثبت لله تعالى الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات - كما دل على ذلك الآيات البينات - كان ذلك هو الحق الذي يوافق المعقول والمنقول ويهدم أساس الإلحاد والضلالات, والله سبحانه لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه فإن الله لا مثيل له ; بل له المثل الأعلى , فلا يجوز أن يشرك هو والمخلوقات في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده , ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى , وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به , وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه , فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق , وإن حصلت موافقة في الاسم . ".
  16. تفريغ المقطع 8

    الشيخ : " فَإِذَا أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى الصِّفَاتِ وَنَفَى عَنْهُ مُمَاثَلَةَ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَاتُ الْبَيِّنَاتُ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَقَّ الَّذِي يُوَافِقُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ وَيَهْدِمُ أَسَاسَ الْإِلْحَادِ وَالضَّلَالَاتِ " فإذا أثبت لله الصفات ونفى عنه مماثلة المخلوقات وش يصير .؟ هذا هو الحق أو هو الباطل .؟ هذا هو الحق . " وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا تُضْرَبُ لَهُ الْأَمْثَالُ الَّتِي فِيهَا مُمَاثَلَةٌ لِخَلْقِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا مَثِيلَ لَهُ ؛ بَلْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرَكَ هُوَ وَالْمَخْلُوقَاتُ فِي قِيَاسِ تَمْثِيلٍ وَلَا فِي قِيَاسِ شُمُولٍ تَسْتَوِي أَفْرَادُهُ " .كما قال المؤلف لا مثيل له , بل لله المثل الأعلى , كما قال الله عن نفسه : (( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )). فلا يشرك مع خلقه في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده, هذا أظن قرأتموه في أصول الفقه , قرأتم قياس التمثيل وقياس الشمول أو لا .؟ الطالب : قياس العكس ... . الشيخ : الذي قرأتم في أصول الفقه قياس التمثيل , وقياس الشمول لا قياس التمثيل قرأتموه أكثر لأن باب القياس في أصول الفقه هو قياس التمثيل , بمعنى أنك تقول هذا مثل هذا , فمثلا إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : ( البر بالبر مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ) فنحن نقول : الرز مثل البر ، فالرز بالرز يجب أن يكون مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد , هذا نسميه قياس تمثيل ، لأن كلمة البر ما تشمل الرز ، لكن الرز مثله فيقاس عليه قياس تمثيل , لأن كلمة البر لا تشمله . أما قياس الشمول فهو ما قرأتموه في باب العام , باب العام والخاص ، فاللفظ العام تدخل فيه جميع أفراده ، أو جميع أنواعه أيضاً على وجه قياس الشمول ، عندكم قاعدة في العام : العبره بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ؛ فإذا ورد لفظ عام على سبب خاص قلنا أنه شامل لجميع أفراده . (( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا )) وردت في قصة رجل معين , هو أوس بن الصامت حينما ظاهر من زوجته ، لكن الذين يظاهرون نجد أنه لفظ عام ،فعمومه لزيد و عمرو وبكر وخالد سوى أوس , عمومه هنا قياس شمول ، لأن الذين يظاهرون شاملة لكل الناس الذين يقع منهم هذا الأمر . فقياسهم على أوس بن الصامت قياس شمول , لأن اللفظ تستوي فيه هذه الأفراد , يستوي فيه أوس بن الصامت وزيد وعمرو وخالد إلى آخره أنتم معي يا جماعة . إذن هل الله سبحانه وتعالى يقاس بخلقه قياس تمثيل أو قياس شمول تستوى أفراده ؟ لا هذا ولا هذا , لأن ذلك نقص في الله عز وجل لو فرض . " ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى , وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به ". لكن لاحظوا أن الكمال نوعان : * كمال مطلق : فهذا هو الذي إذا اتصف به المخلوق فللخالق منه الأكمل . * وكمال نسبي : فهذا لا يلزم إذا اتصف به المخلوق أن يتصف به الخالق . عندنا مثلا كون الإنسان يأكل ويشرب شرباً عادياً ، وينام نوماً طبيعاً ، هذا كمال بالنسبة للإنسان ، هذا كمال نسبي ، فالإنسان الذي يأكل ويشرب وينام أكمل من الذي لا يأكل ولا يشرب ولا ينام , لكن هل يمكن أن يوصف الله بذلك ، لأن هذا كمال نسبي بالنسبة للإنسان في هذه الحياة ، لكنه في الحقيقة هو صفة نقص , لأن من يحتاج إلى الأكل والشرب , ولا يقوم إلا بأكل وشرب ونوم ناقص بالنسبة لمن لا يحتاج إلى الأكل والشرب (( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ )) [الأنعام]. أرجو الانتباه يا جماعة , لأنه قد يرد علينا واحد يجي يقول لنا النوم كمال في الإنسان , الطعام كمال في الإنسان , الولد كمال في الإنسان , الزوجة كمال في الإنسان , فماذا نقول له .؟ نقول هذا كمال نسبي , وليس كمالا مطلقا , لكن الكمال المطلق كالحياة والعلم والقدرة والعزة والحكمة وما أشبه ذلك ، هذه كل شيء يوجد في المحلوقات من هذا فلله منه المثل الأعلى . ولهذا قال : " وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا اتَّصَفَ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ كَمَالٍ " مطلق ليس نسبيا " فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِهِ ، وَكُلَّ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَخْلُوقُ مِنْ نَقْصٍ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِالتَّنْزِيهِ عَنْهُ ، فَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ مُنَزَّهًا عَنْ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الِاسْمِ فالخالق أولى ". كيف مخلوق منزه عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم .؟ أي نعم الإنسان كرمه الله : (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )) فالإنسان والكلب كلاهما مخلوق , ومع ذلك فإن الإنسان ينزه عن أوصاف الكلب , أليس هكذا . طيب ؟ يقول : " فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق , وإن حصلت موافقة في الاسم . "
  17. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهكذا القول في المثل الثاني : وهو أن الروح التي فينا , فإنها قد وصفت بصفات ثبوتية وسلبية , وقد أخبرت النصوص أنها تعرج وتصعد من سماء إلى سماء , وأنها تقبض من البدن وتسل منه كما تسل الشعرة من العجينة , والناس مضطربون فيها ; فمنهم طوائف من أهل الكلام يجعلونها جزءا من البدن أو صفة من صفاته , كقول بعضهم أنها النفس أو الريح التي تردد في البدن , وقول بعضهم : إنها الحياة أو المزاج أو نفس البدن , ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود عندهم , وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود , فيقولون : لا هي داخلة في البدن ولا خارجة ولا مباينة له ولا مداخلة له ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض , وقد يقولون : أنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة , وقد يقولون : أنها لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينة له ولا مداخلة , وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها , مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية , فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها ونحو ذلك من الصفات السلبية التي تلحقها بالمعدوم والممتنع , وإذا قيل لهم : إثبات مثل هذا ممتنع في ضرورة العقل , قالوا : بل هذا ممكن بدليل أن الكليات ممكنة موجودة وهي غير مشار إليها , وقد غفلوا عن كون الكليات لا توجد كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان ; فيعتمدون فيما يقولونه في المبدأ والمعاد على مثل هذا الخيال الذي لا يخفى فساده على غالب الجهال ".
  18. تفريغ المقطع 9

    الشيخ : " وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَثَلِ الثَّانِي . وَهُوَ أَنَّ الرُّوحَ الَّتِي فِينَا فَإِنَّهَا قَدْ وُصِفَتْ بِصِفَاتِ ثُبُوتِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ وَقَدْ أَخْبَرَتْ النُّصُوصُ أَنَّهَا تَعْرُجُ وَتَصْعَدُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ , وَأَنَّهَا تُقْبَضُ مِنْ الْبَدَنِ , وَتُسَلُّ مِنْهُ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينَةِ " وهذا معروف في الكتاب والسنة " وَالنَّاسُ مُضْطَرِبُونَ فِيهَا " مع أن الروح بعيدة عنك أو لا .؟ الروح في جسمك ، ومع ذلك اضطرب الناس فيها الاضطرلاب الذي سيذكره المؤلف , وهي موجودة في الإنسان , واضطربوا فيها هذا الاضطراب لأنهم حقيقة لا يشاهدون نظيرها ، فليس في الشاهد ما يشبه تلك الروح , ولهذا اضطرب فيها النظار من المتكلمين وغيرهم. " فَمِنْهُمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ يَجْعَلُونَهَا جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ : أَنَّهَا النَّفْسُ أَوْ الرِّيحُ الَّتِي تردد فِي الْبَدَنِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ : إنَّهَا الْحَيَاةُ أَوْ الْمِزَاجُ أَوْ نَفْسُ الْبَدَنِ " يعني إما جزء أو صفة في البدن " وَمِنْهُمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ يَصِفُونَهَا بِمَا يَصِفُونَ بِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ عِنْدَهُمْ " وواجب الوجود عندهم عرفنا نصه فيما سبق أنهم يقولون لا موجود ولا معدوم , ولا عالم ولا جاهل , ولا حي ولا ميت , ولا عاجز ولا قادر , إلى آخره . " وَهِيَ أُمُورٌ لَا يَتَّصِفُ بِهَا إلَّا مُمْتَنِعُ الْوُجُودِ فَيَقُولُونَ : لَا هِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَدَنِ وَلَا خَارِجَةٌ وَلَا مُبَايِنَةٌ لَهُ وَلَا مُدَاخِلَةٌ لَهُ وَلَا مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا سَاكِنَةٌ وَلَا تَصْعَدُ وَلَا تَهْبِطُ , وَلَا هِيَ جِسْمٌ وَلَا عَرَضٌ " هذه الأوصاف السلبية كلها تدل على أنها أمر لا وجود له , يعني لو قيل لك صف العدم ما وجدت أحسن من هذا الوصف , لا هي داخل البدن ولا خارجه , ولا مباين ولا مداخل ولا متحرك ولا ساكن , يعني سلب للنقيضين . " وَقَدْ يَقُولُونَ : أَنَّهَا لَا تُدْرِكُ الْأُمُورَ الْمُعَيَّنَةَ وَالْحَقَائِقَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا تُدْرِكُ الْأُمُورَ الْكُلِّيَّةَ الْمُطْلَقَةَ " وهذا أيضاً خطأ ، فلولا وجود النفس في البدن ما أدرك شيئاً , والإنسان يدرك الأمور الكلية والأمور الجزئية كما هو معروف . " وَقَدْ يَقُولُونَ : إنَّهَا لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا مُبَايِنَةً لَهُ وَلَا مُدَاخِلَةً وَرُبَّمَا قَالُوا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي أَجْسَامِ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَةً عَنْهَا " كيف .؟ لا هي داخلة عنها ولا خارجة عنها !!. نعم " مَعَ تَفْسِيرِهِمْ لِلْجِسْمِ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ فَيَصِفُونَهَا بِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي تُلْحِقُهَا بِالْمَعْدُومِ وَالْمُمْتَنِعِ " والسبب في هذا الاضطراب هو أنهم لا يشاهدون لها نظيرا في الخارج , ولا يؤمنون بما جاءت به النصوص , والإنسان الذي ليس عنده دليل عقلي ولا نقلي ولا حسي , ماذا يصنع .؟ على كل حال يرتبكما يستطيع أن يثبت على قول . " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ : إثْبَاتُ مِثْلِ هَذَا مُمْتَنِعٌ فِي ضَرُورَةِ الْعَقْلِ قَالُوا : بَلْ هَذَا مُمْكِنٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْكُلِّيَّاتِ مُمْكِنَةٌ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهَا " . يريد بالكليات المعاني العامة ، كما نقول مثلا الإنسان , الإنسان يتصور أن هناك إنسانية مطلقة يشترك فيها كل فرد من الناس , يتصور أنه يوجد كلية مطلقة عامة هي الإنسانية , يشترك فيها فلان وفلان وفلان وفلان , لكن هل حقيقة أن هذه الكلية المطلقة حقيقة أنها موجودة , هل نجد إنسانية شيء مشاهد .؟ لا ليس مشاهد , ولهذا يقول المؤلف : " بَلْ هَذَا مُمْكِنٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْكُلِّيَّاتِ مُمْكِنَةٌ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهَا " بينت لكم مثلا في الكليات , قلنا أنا إنسان وأنت إنسان ، وهذا إنسان وذاك إنسان ، يتصور أو يتخيل الإنسان أن هناك كلية عامة مطلقة تسمى الإنسانية ، اشتركنا فيها , هذه الإنسانية التي نصورنا وأننا مشتركون فيها هل يشار إليها .؟ لا يشار إليها لأنها غير موجودة . كذلك الحيوان ، الإنسان حيوان والبعير حيوان ، والفرس حيوان والحمار حيوان وهكذا , يتصور الإنسان أن هناك حيوانية مطلقة عامة , لكن هذا التصور حقيقة أو لا .؟ لا , وين الحيوانية التي نحن مشتركون فيها .؟ وي اللي ساكن بالرياض بمكة أمريكا .؟ غير موجودة . ولهذا يقولون : إننا نقول الروح لا داخل العالم ولا خارجه ولا يمكن الإشارة إليها ، وأن هذا شيء ممكن , وش حجتهم .؟ بدليل أن الكليات ممكنة موجودة , هذه حجتهم , يقولون مثل أن الكليات ممكنة موجودة , أنا أقول هذا الرجل وهذا الرجل وهذا الرجل كلهم اشتركوا في الرجولية , ومع ذلك فالرجولية غير موجودة , بمعنى أن هذا الشيء الوصف الذي اشتركنا فيه ليس موجودا يشار إليه . طيب يقول : " وَقَدْ غَفَلُوا عَنْ كَوْنِ الْكُلِّيَّاتِ لَا تُوجَدُ كُلِّيَّةً إلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْعِيَانِ " صحيح , الكليات هذه لا توجد إلا في الأذهان ، الذهن هو الذي يفرض أن هناك كلية عامة اشتركنا فيها ، لكن حقيقة غير موجودة في الأعيان ولا نعاينها بأعيننا . " فَيَعْتَمِدُونَ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمُعَادِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْخَيَالِ الَّذِي لَا يَخْفَى فَسَادُهُ عَلَى غَالِبِ الْجُهَّالِ " ... كون الإنسان كلما توهم شيئاً أو تخيل شيئا أثبت أنه حقيقة ، هذا غير ممكن ، ولا يمكن أن يأتي من أي عاقل ، لأنك يمكن الآن أن تتصور مثلاً جسما رأسه رأس إنسان , ويده يد طير , ورجله رجل بعير ، وبطنه حجر , وظهره أنبوبة ماء ، فيمكن أن نتصور ذلك ، لكن هل يوجد هذا في الخارج ؟ لا يوجد هذا في الخارج , فليس كل ما فرضه الذهن أو تصوره يمكن أن يقع , فالآن نحن نتصور أن هناك حيوانية مطلقة يشترك فيها جميع الحيوان , لكنّ حقيقة الأمر لا وجود لها , هكذا هم إذا وصفوا الروح بهذه الأوصاف , قالوا يمكن أن يكون الشيء لا داخل العالم ولا خارجه , والروح ليست داخل الأجسام ولا خارج منها , يمكن يصير هذا , وش نقول لهم .؟ هذا إنما هو في الذهن , شيء يفرضه الذهن , أما وجود هذا في الخارج فأمر غير ممكن , وليس كل ما فرض في الذهن يمكن أن يكون موجودا , أليس كذلك .؟ ربما يفرض ذهنك أن مع الله إله آخر , أليس كذلك .؟ وهذا غاية الممتنع (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) . فالحاصل يجب أن تعرفوا أن بلاء الفلاسفة بلاءهم من أنهم ظنوا أن المتصورات أمور واقعة و وغفلوا عن الشيء الذي يفرضه الذهن والشيء الذي يكون حقيقة , فالشيء الذي يفرضه الذهن لا يمكن أن يكون حقيقة , ليس كل ما فرضه الذهن يكون حقيقة , الذهن يفرض أشياء ممكنة , ويفرض أشياء ممتنعة , ربما يفرض ذهنك أنك تسببت وفتحت دكانا , وبدأت تبيع وتشتري , وصرت غنيا , يمكن يكون له وجودا هذا أو لا يمكن .؟ يمكن أن يكون له وجودا , لكن فرض جسم على ما وصفنا قبل قليل هذا لا يمكن أن يكون له وجودا , فيتبين من هذا أن فرض الأذهان لا يجوز أن يحكم عليه حكم الأعياد , لأن فرض الأذهان قد يكون ممكناً ، وقد يكون ممتنعاً غاية الممتنعات , وقد يكون أيضاً واجباً . قد يكون واجبا مثل ما لو تصورت أن كل محدثة لابد له من محدث، هذا التصور حقيقة وواجب ، ولهذا الأعرابي , وهو الأعرابي كما تعرفون البعيد عن الثقافة والعلم , سئل بم عرفت ربك فقال الأعرابي _ ببديهته _ الأثر يدل على المسير ، لأنه هو متعود الجواد والأثر , والبعرة تدل على البعير ، من بيئته استدل , فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج , ألا تدل على السميع البصير ؟ بلى , فأقول إن الذهن يفرض أشياء واجبة وأشياء ممكنة وأشياء ممتنعة .
  19. قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
  20. تفريغ المقطع 10

    الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم . " واضطراب النفاة والمثبتة في الروح كثير وسبب ذلك أن الروح - التي تسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة - ليست هي من جنس هذا البدن ولا من جنس العناصر والمولدات منها ; بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس , فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة , وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة , وكلا القولين خطأ , وإطلاق القول عليها بأنها جسم أو ليست بجسم يحتاج إلى تفصيل , فإن لفظ الجسم للناس فيه أقوال متعددة اصطلاحية غير معناه اللغوي , فإن أهل اللغة يقولون : الجسم هو الجسد والبدن , وبهذا الاعتبار فالروح ليست جسما ; ولهذا يقولون : الروح والجسم ; كما قال تعالى : ((وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )) وقال تعالى : (( وزاده بسطة في العلم والجسم )) وأما أهل الكلام : فمنهم من يقول الجسم هو الموجود ; ومنهم من يقول : هو القائم بنفسه , ومنهم من يقول : هو المركب من الجواهر المفردة , ومنهم من يقول : هو المركب من المادة والصورة , وكل هؤلاء يقولون : إنه مشار إليه إشارة حسية , ومنهم من يقول : ليس مركبا من هذا ولا من هذا , بل هو مما يشار إليه ويقال : إنه هنا أو هناك ; فعلى هذا إن كانت الروح مما يشار إليها ويتبعها بصر الميت - كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الروح إذا خرجت تبعها البصر وإنها تقبض ويعرج بها إلى السّماء ) كانت الروح جسما بهذا الاصطلاح , والمقصود أن الروح إذا كانت موجودة حية عالمة قادرة سميعة بصيرة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء ونحو ذلك من الصفات , والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها ; لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا . والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته أو مشاهدة نظيره . فإذا كانت الروح متصفة بهذه الصفات مع عدم مماثلتها لما يشاهد من المخلوقات , فالخالق أولى بمباينته لمخلوقاته مع اتصافه بما يستحقه من أسمائه وصفاته ; وأهل العقول هم أعجز عن أن يحدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها . فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها , ومن مثلها بما يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها , وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات مستحقة لما لها من الصفات , فالخالق - سبحانه وتعالى - أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا معطلا , ومن قاسه بخلقه جاهلا به ممثلا , وهو - سبحانه وتعالى - ثابت بحقيقة الإثبات مستحق لما له من الأسماء والصفات .".
  21. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " واضطراب النفاة والمثبتة في الروح كثير وسبب ذلك أن الروح - التي تسمى بالنفس الناطقة عند الفلاسفة - ليست هي من جنس هذا البدن ولا من جنس العناصر والمولدات منها ; بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس , فصار هؤلاء لا يعرفونها إلا بالسلوب التي توجب مخالفتها للأجسام المشهودة , وأولئك يجعلونها من جنس الأجسام المشهودة , وكلا القولين خطأ , وإطلاق القول عليها بأنها جسم أو ليست بجسم يحتاج إلى تفصيل , فإن لفظ الجسم للناس فيه أقوال متعددة اصطلاحية غير معناه اللغوي , فإن أهل اللغة يقولون : الجسم هو الجسد والبدن , وبهذا الاعتبار فالروح ليست جسما ; ولهذا يقولون : الروح والجسم ; كما قال تعالى : ((وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )) وقال تعالى : (( وزاده بسطة في العلم والجسم )) وأما أهل الكلام : فمنهم من يقول الجسم هو الموجود ; ومنهم من يقول : هو القائم بنفسه , ومنهم من يقول : هو المركب من الجواهر المفردة , ومنهم من يقول : هو المركب من المادة والصورة , وكل هؤلاء يقولون : إنه مشار إليه إشارة حسية , ومنهم من يقول : ليس مركبا من هذا ولا من هذا , بل هو مما يشار إليه ويقال : إنه هنا أو هناك ; فعلى هذا إن كانت الروح مما يشار إليها ويتبعها بصر الميت - كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الروح إذا خرجت تبعها البصر وإنها تقبض ويعرج بها إلى السماء ) كانت الروح جسما بهذا الاصطلاح , والمقصود أن الروح إذا كانت موجودة حية عالمة قادرة سميعة بصيرة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء ونحو ذلك من الصفات , والعقول قاصرة عن تكييفها وتحديدها ; لأنهم لم يشاهدوا لها نظيرا . والشيء إنما تدرك حقيقته بمشاهدته أو مشاهدة نظيره . فإذا كانت الروح متصفة بهذه الصفات مع عدم مماثلتها لما يشاهد من المخلوقات , فالخالق أولى بمباينته لمخلوقاته مع اتصافه بما يستحقه من أسمائه وصفاته ; وأهل العقول هم أعجز عن أن يحدوه أو يكيفوه منهم عن أن يحدوا الروح أو يكيفوها . فإذا كان من نفى صفات الروح جاحدا معطلا لها , ومن مثلها بما يشاهده من المخلوقات جاهلا ممثلا لها بغير شكلها , وهي مع ذلك ثابتة بحقيقة الإثبات مستحقة لما لها من الصفات , فالخالق - سبحانه وتعالى - أولى أن يكون من نفى صفاته جاحدا معطلا , ومن قاسه بخلقه جاهلا به ممثلا , وهو - سبحانه وتعالى - ثابت بحقيقة الإثبات مستحق لما له من الأسماء والصفات .".
  22. تفريغ المقطع 11

    الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أم بعد : فقد تقدم أن المؤلف رحمه الله بين أن إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى مع عدم المماثلة يتبين بأصلين ومثلين وخاتمة , الأصلين هما : أن يقال : القول في بعض الصفات كالقول في بعض , ثم يقال : والقول في الصفات كالقول في الذات , هذان الأصلان . أما المثلان المضروبان : فأولهما ما سبق في ذكر ما لأهل الجنة من النعيم الذي يوجد له نظير في الدنيا لكن نظير له في الاسم دون الحقيقة , فإذا كان يمكن للمخلوقات أن تتفق في الأسماء مع المباينة في الحقيقة , فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى , يعني أنه إذا كان في الجنة نخل ورمان وفاكهة وعنب وغير ذلك , فإن في الجنة كذلك , ولكنها مختلفة عنها في الحقائق , فإذا المباينة بين المخلوق والخالق من باب أولى . المثل الثاني : مسألة الروح , كلنا يعلم أن كل حي فله روح وجسم , وأن الإنسان هو الروح والجسم , فالجسم هو هذا المشاهد , الذي نشاهده ويوصف بالطول والعرض والسواد والبياض والصحة والمرض والحركة والسكون إلى آخره, والروح هي الحالة في هذا الجسم , هذه الروح اختلف فيها كما يقول المؤلف النظار اختلافا كثيرا , منهم من يقول هي الدم و ومنهم من يقول هي النفس , ومنهم من يقول إنها مجهول , لكن النصوص دلت على أن هذه الروح جسم من الأجسام جسم لكن ليس كأجسامنا , كيف دلت الأدلة على أنها جسم .؟ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأنها تمسك : (( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى )) وأخبر أنها توفى : (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) تقبض , وكذلك أيضا في الحديث أنها إذا قبضت تبعها البصر , وش معنى تبعها .؟ أي جعل يرمق لها , يرمقها وينظر إليها , ولهذا تبقى عين الميت فاتحة , لأنه ينظر إلى روحه التي خرجت من جسمه , نظر عيان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث , لما دخل على أبي سلمة رضي الله عنه وهو يقبض قد شخص بصره , قال : ( إن الروح إذا قبض اتبعه البصر ) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنها تكفن بكفن من الجنة وحنوط من الجنة , وأنه يصعد بها إلى الله عز وجل من سماء إلى سماء ثم ترجع إلى بدنها , كل هذا يدل على أنها جسم أو لا .؟ ومع ذلك ليست كهذه الأجسام , ولا يعتريها ما يعتري الجسم . فإذا كان هذا في الروح التي بين جنبينا أو بين جنوبنا لا نعلم عن كيفيتها ولا نستطيع أن نعرف حقيقة كنهها ، مع أننا نؤمن بأنها جسم تقبض وترسل وتمسك وتكفن ويصعد بها ... إلى آخره . مع أنها مباينة لأجسامنا هذه ، فالمباينة بين الخالق والمخلوق من باب أولى , واضح هذا المثل أو لا .؟ واضح المثل جدا . ثم إن المؤلف تعرض أثناء هذا الكلام إلى أن الشيء لا يمكن أن يعرف إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره ، ونحن زدنا شيئاً ثالثاً ، ما هو .؟ الخبر الصادق عنه . يعني قد لا تشاهده أنت ولا تشاهد نظيره , ولكن يخبرك إنسان صادق بأنه شاهده على هذا الوصف , ويمكن أن يرجع هذا إلى كلام المؤلف الخبر الصادق ... لأن كون مشاهدته يعني سواء أنت المشاهد أو غيرك فأخبرك , على كل حال لا يمكن للإنسان أن يعرف حقيقة الشيء حتى يشاهده هو أو يشاهد نظيره أو يخبر خبراً صادقاً عنه . كل هذا بالنسبة لحقيقة ذات الله وصفاته ممكن أو لا .؟ غير ممكن ، فالله تعالى ليس كمثله شيء لا نظير له ، ونحن لم نشاهده ولو شاهدناه ما أدركناه (( لا تدركه الأبصار )) . وهل أخبرنا الله تعالى عن نفسه عن حقيقة ذاته وصفاته .؟ هل قال إنه استوى على العرش على كيفية كذا وكذا .؟ لا ، إذن لا يمكننا نحن أن ندرك حقيقة ذات الله أو صفاته ، ومع ذلك لا يمتنع أن نؤمن بإن له ذاتاً حقيقة وأن له صفات حقيقة , واضح .؟ إذا المثل هذا بدل ما نقرأه كله وما فيه , هذه خلاصته , فصار المؤلف رحمه الله بيّن لنا إثبات الصفات على وجه الحقيقة , بأصلين ومثلين مضروبين وخاتمة .
  23. تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما الخاتمة الجامعة ففيها قواعد نافعة : القاعدة الأولى أن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي فالإثبات كإخباره بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك والنفي كقوله (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتا وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال ; لأن النفي المحض عدم محض ; والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل : ليس بشيء ; فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال .".
  24. تفريغ المقطع 12

    الشيخ : الخاتمة , يقول رحمه الله : " وأما الخاتمة الجامعة ففيها قواعد نافعة " الحقيقة أن هذا هو بين القصيد كما يقولون , لأن الأول مقدمة تقريبا , الخاتمة فيها قواعد نافعة . الطالب : ... . الشيخ : " وَأَمَّا الْخَاتِمَةُ الْجَامِعَةُ فَفِيهَا قَوَاعِدُ نَافِعَةٌ الْقَاعِدَةُ الْأُولَى " . الطالب : عندنا عنوان الخاتمة الجامعة , القاعدة الأولى . الشيخ : لا , عندي أنا الكلام من كلام المؤلف , عندكم الخاتمة الجامعة .؟ طيب اكتب تحت العنوان الكبير " وَأَمَّا الْخَاتِمَةُ الْجَامِعَةُ فَفِيهَا قَوَاعِدُ نَافِعَةٌ ". طيب : " وَأَمَّا الْخَاتِمَةُ الْجَامِعَةُ فَفِيهَا قَوَاعِدُ نَافِعَةٌ , الْقَاعِدَةُ الْأُولَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ " هذه قاعدة أن الله موصوف بالإثبات والنفي , فهمتم الثقاعدة " فَالْإِثْبَاتُ كَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَنَحْوُ ذَلِك ", كل هذا إثبات أو نفي .؟ كل هذا إثبات , واعلم أن جميع ما أثبته الله لنفسه , نحن نضيف إلى هذا قاعدة , إن كان المؤلف ما ذكرها , نضيف إلى هذا أن كل ما أثبته الله لنفسه فهو صفة كمال , لكن هذا الكمال لا يلزم أن يكون كمالا في حقنا . فمثلاً من صفات الله السمع والبصر والعلم والإرادة والقدرة , صفة نفي أو إثبات .؟ إثبات , هي كمال أو لا .؟ كمال , هي بالنسبة لنا أيضا كمال , فالإنسان الذي يسمع ويبصر ويعلم ويقدر أكمل ممن ليس كذالك , التكبر بالنسبة لله صفة كمال , وبالنسبة لنا صفة نقص , فليس كل صفة كمال للخالق تكون صفة كمال لنا . الطالب : نكتب .؟ الشيخ : هذه نشرحها الآن , اكتبوها أو لا تكتبوها , المهم أننا نشرح . كل ما أثبت الله لنفسه فإنه صفة كمال , كمال لمن .؟ كمال له , ولا يلزم من صفة الكمال له أن تكون صفة كمال لنا , والمثال على ذلك إيش .؟ المتكبر , فإنها صفة كمال له وصفة نقص لنا . طيب والثاني : " وَالنَّفْيُ كَقَوْلِهِ : (( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )) " لا تأخذه يعني لا تغلبه , أخذي النوم يعني غلبني , فالمعنى : لا يمكن أن ينام , ولا أن يتصف بمقدمات النوم وهي السّنة (( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )) وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) وش معنى لا ينبغي .؟ أي لا يصح ولا يمكن أن ينام , لأن كلما جاءت كلمة لا ينبغي في القرآن والسنة فالمراد لا يمكن ولا يستقيم . " (( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )) وَيَنْبَغِي " قاعدة في النفي يا جماعة , مثل ما ذكرنا نحن قاعدة في الإثبات المؤلف ذكر قاعدة في النفي . نحن قلنا في قاعدة الإثبات : كل ما أثبته الله لنفسه فهو صفة كمال له , طيب في النفي يقول المؤلف : " وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلَا كَمَالٌ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ إثْبَاتًا , وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ النَّفْيِ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلَا كَمَالٌ لأن النفي المحض عدم محض , والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء ". وش بعد .؟ الطالب : " فهو كما قيل : ليس بشيء ; فضلا عن أن يكون مدحا أو كمالا , ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع ". الشيخ : بس , صار عندي سقط " وما ليس بشيء فهو كما قيل ... " . هذه القاعدة في النفي يقول المؤلف : " وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلَا كَمَالٌ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ إثْبَاتًا " يعني ما ذكر الله تعالى من صفات النفي التي وصف بها نفسه لا يمكن أن تكون مدحاً إلا إذا تضمنت إثباتا .