خطبة قصة موسى وفضل يوم عاشوراء الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

قصة موسى وفضل يوم عاشوراء
الجمعة 7 مارس 2003    الموافق لـ : 03 محرم 1424
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

قصة موسى وفضل يوم عاشوراء

خطبة جمعة بتاريخ / 4-1-1424 هـ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله ومبلغ الناس شرعه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلَّم تسليما كثيرا .

أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ؛ فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه ، وتقوى الله جل وعلا هي خير زادٍ يبلِّغ إلى رضوان الله . جعلني الله وإياكم من عباد المتقين .

عباد الله : إن الله عز وجل ذو حكمة بالغةٍ في خلقه يخلق ما يشاء ويختار ؛ يصطفي من خلقه ما يشاء ويفضِّل بعضهم على بعض عن حكمةٍ بالغة وحجةٍ سابغة ، فالخلقُ خلق الله والأمر أمره جلّ وعلا .

عباد الله : فضّل سبحانه وتعالى من الأشخاص محمداً صلى الله عليه وسلم فهو سيد ولد آدم ، وفضَّل الرسل على الأنبياء ، وفضل الأنبياء على سائر البشر ، وفضَّل في الأمكنة مكة المكرمة ثم المدينة النبوية المنورة ، وفضَّل في الأوقات أوقاتاً عديدةً وأزمنةً فاضلة ؛ ففي الشهور - عباد الله - فضّل جل وعلا شهر رمضان ، وفي الليالي فضّل الليالي الأخيرة من شهر رمضان وليلة القدر خير من ألف شهر ، وفي الأيام - عباد الله - يوم عرفة خير الأيام وسيدها .

عباد الله : وإن من الأيام العظيمة الفاضلة يوم عاشوراء ؛ اليوم العاشر من شهر الله المحرم ؛ عباد الله : إنه يوم صالح عظيم جاء في فضله أحاديث عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وحثّ صلى الله عليه وسلم على صيامه ورغَّب في ذلك وصامه عليه الصلاة والسلام وصامه صحابته الأخيار ، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )) .

عباد الله : إن يوم عاشوراء يوم عظيم حدث للناس فيه نعمةٌ عظيمة ومنَّة جسيمةٌ جليلة ألا وهي - عباد الله - أن الله تبارك وتعالى في هذا اليوم العظيم أنجى موسى ومن معه وأغرق فرعون ومن معه ؛ لما قدِم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال ما هذا ؟ قالوا هذا يوم صالح ، وفي رواية قالوا هذا يوم عظيم نجى الله فيه موسى ومن معه وأغرق فيه فرعون ومن معه فصامه موسى شكرا لله عز وجل فنحن نصومه لذلك ، فقال صلوات وسلامه عليه : نحن أحقّ وأولى بموسى منكم فصامه عليه الصلاة والسلام وأمر الصحابة الكرام بصيامه .

ثم إن صيام يوم عاشوراء كان في بداية الإسلام فرضاً لازما ، وواجباً محتما ، ثم إنه لما نزلت فريضة الصيام - صيام شهر رمضان - أصبح صيامه أمراً مستحبا فقال عليه الصلاة والسلام (( إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ)) ؛ فصيام هذا اليوم يوم عاشوراء مستحب للمسلمين - عبادَ الله - شكراً لله جل وعلا على تلك النعمة العظيمة والمنة الجسيمة وطلباً لعظيم موعوده سبحانه الذي أعده للصائمين لهذا اليوم حيث قال عليه الصلاة والسلام ((أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )) . ثم إن الصيام عباد الله طاعة عظيمة وعبادة جليلة ثوابها عند الله عظيم ، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا )) .

عباد الله : والسنة في صيام عاشوراء أن يصوم المسلم يوماً قبله لأنه ثبت في الحديث الصّحيح أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن اليهود يصومون هذا اليوم ويتخذونه عيدا ويعظمونه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ((لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ )) أي مضافا ومضموما إلى العاشر . فالسنة - عباد الله- أن يصوم المسلم يوم عاشوراء طلباً لهذا الأجر العظيم وأن يصوم معه اليوم التاسع مخالفةً لليهود واقتداءً بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام .

عباد الله : حدث في هذا اليوم كما تقدم حدثٌ عظيم جليل فيه عبرة بالغة وحجة ظاهرة وآية باهرة تدل على كمال قدرة الله وعظيم انتقامه وشدة بطشه جل وعلا ؛ في هذا اليوم أغرقَ الله جل وعلا فرعون وقومه ، وقد ذكر عز وجل قصة فرعون مفصّلةً في مواضع عديدة من القرآن وأخبر جل وعلا أن فرعون علا في الأرض واشتد بطشه وزاد إسرافه وإفساده وتعاليه على عباد الله ، ثم إن الله عز وجل أذِن وأمَر موسى ومن معه أن يسريَ بقومه إلى حيث جهة البحر الأحمر ، فانطلق موسى بقومه من بني إسرائيل إلى جهة البحر الأحمر ليلا ، ثم إن الله عز وجل أخرج موسى ومن معه لحكمةٍ يريدها وأمرٍ عظيمٍ يريده جل وعلا ، فلما خرج موسى وعلم فرعونُ بخروجه أرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده ويجيِّشون له جيوشه ، وتأمّل هذا السياق الكريم حيث يبين لنا جل وعلا هذا الحدث العظيم :

يقول جل وعلا: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء:٥٢–٦1] ؛ البحر من أمامنا فإن خضناه غرقنا ، وفرعون وجنوده قد بلغنا فإن وقفنا أهلكنا ، فقال موسى بإيمانٍ ثابت وقلبٍ مطمئن وثقةٍ بالله العظيم ﴿ كَلَّا ﴾ أي أنهم لن يدركوننا ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ ؛ فأذن الله عز وجل وأوحى إلى كليمه موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر ، فضرب بعصاه البحر فانفلق البحر قطعاً عديدة ؛ اثنا عشر قطعة كل قطعة منها أصبحت كالطود العظيم أي كالجبل الكبير .

تأمل رعاك الله ، تأمل قدرة الله جل وعلا ؛ الماء السيَّال وقف وقوف الجبال !! إنها حجة بالغة وآية ظاهرة على كمال قدرة الله جل وعلا ، الماء السيال وقف وقوف الجبال ، ثم إن الأرض التي كان عليها الماء وهي أرضٌ وحل وزلق أذن الله عز وجل لها فيبست ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ [طه:٧٧] ، تفتحت الطرق وجاء الفرج حيث حصلت شدة الكرب ومضى موسى ومن معه بأمانٍ مسرعين مع هذه الفجاج التي يسَّرها الله لهم من خلال البحر ومن بين المياه ، فمضوا والمياه إلى جنبتيهم قائمة على أرض يابسة .

فما أعظمها من آية !! ولما وصل فرعون وجنوده إلى البحر وخرج موسى ومن معه إلى الطرف الآخر أراد موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر لئلا  يدخل فرعون فيصل إليه فقال الله عز وجل: ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾ [الدخان:٢٤] ؛ لما وصل فرعون البحر ازداد في كبريائه وعتوه وتعاليه والتفت إلى قومه وقال لهم بكبرياءٍ وتعاظم : إنني أنا الذي أمسكت الماء لأدرك هذه الشرذمة القليلة والفئة الخارجة ، فأضل قومه فاتبعوه فدخل البحر وتبعه قومه معه ، وقد ذُكِر في كتب التاريخ أن عدد الخيل التي كانت معهم تصل إلى مائة ألف ، فدخلوا أجمعين داخل البحر فلما تكاملوا دخولاً من أولهم إلى آخرهم ارتطم عليهم الماء فغرقوا أجمعين من أولهم إلى آخرهم بما فيهم عدو الله فرعون ، وكان هذا المنظر على مرأى من قوم موسى ليكون ذلك أقر لأعينهم وأشفى لصدورهم .

ثم إن فرعون لما عاين الموت قال: ﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس:٩٠] فقال الله جل وعلا : ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس:9١–٩٢] آمن حيث لا ينفع الإيمان ، يقول الله تعالى : ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء:١٨] ، ويقول صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ )) ؛ آمن حيث لا ينفع الإيمان . ثم إن الله عز وجل نجى بدنه فأخرجه لبني إسرائيل ليروا هذه الآية العظيمة الدالة على كمال الله وعظيم قدرته سبحانه .

إن موسى عليه السلام صام هذا اليوم - يوم عاشوراء - شكراً لله على هذه النعمة العظيمة ، ونحن أمّةَ الإسلام نصوم هذا اليوم شكراً لله عز وجل على نعمته العظيمة ، ونسأله جل وعلا المزيد من فضله ، ونسأله سبحانه نصره وعونه وتوفيقه ؛ فالأمور بيد الله ومقاليد السماوات والأرض بيده يقلبها كيف يشاء ويقضي فيها بما يريد لا رادّ لحكمه ولا معقب لقضائه .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليماً كثيرا .أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى .

عباد الله : لقد عرفنا من خلال ما سبق ما يشرع للمسلمين فعله في يوم عاشوراء ، وأن السنة في هذا اليوم صيامه شكراً لله وتحرياً لعظيم موعوده للصائمين ، وأعظم الناس أجراً في الصيام أكثرهم فيه ذكراً لله عز وجل ؛ هذه هي السنَّة في يوم عاشوراء .

عباد الله : وقد شاء الله جل وعلا أن يقع في هذا اليوم حدث عظيم وذلك في سنة واحد وستين للهجرة حيث إنه في هذا اليوم قُتل الحسين بن علي رضي الله عنه ؛ قُتل رضي الله عنه ظلماً وجَوْرا وعدوانا ، وإن قتْله يعدّه أهل الإيمان مصيبة عظيمة ورزية كبيرة ، ولكن المسلم مأمور بالمصاب - أيَّ مصاب كان - أن يصبر ويحتسب وأن يسترجع وأن يفوّض أمره إلى الله ، قال الله عز وجل: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:١٥٥-١٥٦]  ، وقد قُتل قبل الحسين من هم أفضل منه ؛ قُتل والده علي بن أبي طالب ، وقُتل عثمان بن عفان ، وقُتل عمر بن الخطاب ، وقتل من هو أفضل من هؤلاء فقتل أنبياء لله عز وجل وليس يُطلب من الناس في المصائب سوى الاسترجاع والصبر على المصاب ورجاء موعود الله جل وعلا للصابرين ، إلا أنه حصل أن وجد مذهبان منحرفان على إثر هذا الحدث :

المذهب الأول : اتخذ يوم مقتل الحسين مأتما يظهرون فيه الحزن والبكاء والنياحة ولطم الخدود وشق الجيوب وكل هذه الأعمال ليست من أعمال الإسلام وليست من دين الله ؛ بل جاء دين الله بالتحذير منها ، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ ، وَالنَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ)) ، وجاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ )) ، وثبت في صحيح مسلم ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ ))  والصالقة عباد الله : التي ترفع صوتها بالبكاء والنحيب عند المصيبة ، والحالقة : التي تحلق شعرها وتقطع شعرها عند المصيبة ، والشاقة : التي تشق ثوبها عند المصيبة . والحكم يتناول الرجال والنساء ولكن ذكر عليه الصلاة والسلام النساء لأن هذا هو الغالب فيهن .

وأما المذهب الآخر : فهو مذهب على النقيض لهذا المذهب ؛ وهو مذهب من يناصبون آل البيت العداء ، فاتخذوا هذا اليوم يوم فرحٍ وسرور ، ويوم عيدٍ وحبور يوسِّعون فيه على الأولاد ويتبادلون فيه الهدايا ويصنعون فيه أنواعاً من الأطعمة مخصوصة ويجعلونه يوم فرحٍ وسرور .

وذاك المذهب باطل وهذا المذهب باطل ، ودين الله وسط بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط . والواجب عباد الله أن نعرف لآل البيت حقهم ولكن دون غلو وجفاء ودون إفراط وتفريط . رحم الله الحسين ورضي عنه وأسكنه الجنة، وهو وأخوه الحسن سيدا شباب الجنة كما جاء ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . ونسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنا وإياكم وإياه في جنات نعيم مع الأنبياء والصحابة وآل البيت والتابعين ، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل ، وأن يرزقنا التمسك بالسنة والسير على وفقها ، وأن يجنبنا البدع وأن يعيذنا منها .

وصلوا رعاكم الله على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب:٥٦] ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا))  .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وارض اللهم على الخلفاء الراشدين الأئمة المهدين ؛ أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي السبطين علي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، اللهم احم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين . اللهم انصر من نصر الدين ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان ، اللهم انصرهم في فلسطين وفي كل مكان ، اللهم انصرهم نصر مؤزرا ، اللهم أيِّدهم بتأييدك واحفظهم بحفظك يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم اكفنا إياهم بما تشاء فلا حول لنا ولا قوة إلا بك .

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وأعنه على البر والتقوى وسدده في أقواله وأعماله وألبسه ثوب الصحة والعافية وارزقه البطانة الصالحة الناصحة . اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين ، اللهم وفقهم لما تحب وترضى ، اللهم سددهم في أقوالهم وأعمالهم ، اللهم ألهمهم الهداية والسداد والصواب يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم آت نفوسنا تقواها ، زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر . اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أعمالنا وأموالنا وأزواجنا وذرياتنا وأوقاتنا واجعلنا مباركين أينما كنا .

اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجلّه أوله وآخره سره وعلنه . اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت . اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين واغفر وارحم لموتى المسلمين يا ذا الجلال والإكرام . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

عباد الله : اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( .