خطبة خطبة عيد الفطر سنة 1432 الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

خطبة عيد الفطر سنة 1432
الثلاثاء 30 أوت 2011    الموافق لـ : 30 رمضان 1432
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

خطبة عيد الفطر لعام  1432هـ

 

الحمد لله رب العالمين ، أحمده تبارك وتعالى بمحامده التي هو لها أهل ، وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناءً عليه هو جل وعلا كما أثنى على نفسه ، أحمده تبارك وتعالى على نعمه المتوالية وآلائه المتتالية وعطاياه التي لا تعد ولا تحصى ، أحمده جل وعلا حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب جل وعلا ويرضى ، أحمده جل وعلا على نعمة الإسلام وعلى نعمة الإيمان وعلى نعمة القرآن وعلى كل نعمة أنعم بها علينا في قديم أو حديث أو خاصة أو عامة أو سر أو علانية ، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأوّلين والآخرين وقيوم السموات والأرضين وخالق الخلق أجمعين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ومبلّغ الناس شرعه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد .

ثم أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه ، واذكروا نعمة الله عليكم بهذا الدين القويم والصراط المستقيم وبالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن جعلنا له أتباعاً ومن أهل هديه والمتمسكين بسنته ؛ فلله الحمد على مننه العظيمة وآلائه الجسيمة .

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد .

أيها المؤمنون عباد الله : هنيئا لنا أمة الإسلام بهذا العيد العظيم واليوم المبارك الكريم ؛ عيد الإفطار ، عيد الفرح والاستبشار ، عيدٌ منَّ الله جل وعلا علينا به أمة الإسلام متلألئاً مضيئاً بضياء الإيمان والتوحيد والطاعة لله جل وعلا والإخلاص له عز وجل ، فهو عباد الله عيد فرح واستبشار وعيد عبودية لله جل وعلا وادِّكار ، وهو عيد تتحقق به اللُحمة الإيمانية والأخوة الدينية والرابطة بأبهى صورها وأجمل حُللها ؛ فهنيئاً لنا ثم هنيئاً لنا أمة الإسلام بعيدنا السعيد ويومنا المبارك الكريم .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله ، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون عباد الله : إن المؤمن في هذه الحياة سائر في طريق ، وطريقه الذي يسير فيه له مقصود وغاية ، والمقصود والغاية هو طاعة ذي الجلال ورضا الكبير المتعال ، غاية المسلم في سيره في هذا الطريق أن يرضى عنه ربه ومولاه متحققاً ومتيقناً بأنه عبدٌ لله تبارك وتعالى وأنَّ واجبه في هذه الحياة تحقيق العبودية لله عز وجل ، فهو يسير في هذه الحياة ليعرف ربه ومولاه ، وليتعرف عليه جل وعلا بما تعرف به على عباده من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ودلائل جلاله وكماله وعظمته وكبريائه وأنه الرب العظيم الخالق الجليل الذي بيده أزمَّة الأمور ومقاليد السماوات والأرض ، ثم يُتبِع المؤمن السائر هذه المعرفة بتحقيق العبودية لله فيخلص دينه كله لله { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-172] .

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون عباد الله : وطريق المؤمن السائر له مبدأ ونهاية ؛ أما مبدأه - عباد الله- فهو هذه الحياة ، لا يزال المؤمن سائراً في حياته إلى الله عز وجل من منزلةٍ إلى منزلة ومن عبوديةٍ إلى عبودية ومن طاعةٍ إلى طاعة إلى أن يتوفاه الأجل وتحضر المنية { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] . أما منتهى السير فهو جنة {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }[آل عمران :133] ، ففي الجنة - عباد الله- محط الرحال ومرتع الآمال، وفي الجنة - عباد الله- هناءة السائرين ولذتهم أجمعين في نعيمٍ مقيم فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . وإذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله جل وعلا لهم - كما جاء في صحيح مسلم - : (( تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ )) اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون : وهذا السير لابد فيه من محركات ليسير المؤمن وليقوى سَيْره إلى الله عز وجل ، وقد بيَّن العلماء رحمهم الله تعالى أن لهذا السير محركات ثلاث؛ وهي في قلب المؤمن الصادق ألا وهي : المحبة ، والرجاء ، والخوف. فهذه الأمور الثلاث محركات للقلوب ؛ أما المحبة - عباد الله- فهي التي تجعل المسلم يتجه إلى الصراط المستقيم ويعزم على السير فيه وتكون قوة سيره بحسب هذه المحبة قوةً وضعفا ، وأما الرجاء فهو القائد للمؤمن في سيره ، وأما الخوف فهو الزاجر . وقد جمع الله جل وعلا هذه الأمور الثلاث في قوله سبحانه:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء:57]

أيها المؤمنون عباد الله : وللسير أعمال لابد منها ولابد من تحقيقها ولابد من عناية من السائرين بها وهي : فرائض الإسلام وواجبات الدين والقيام بأنواع العبودية لله جل وعلا مع التجنب للآثام والبعد عن الحرام خوفاً من عقاب الملك العلام سبحانه .

عباد الله : ولم يتقرب متقرب إلى الله بشيء أحب إلى الله عز وجل من فرائض الدين وواجباته ، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ؛ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ))

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون عباد الله : وفي طريق السائرين عقبات لابد من تخطيها ، ومن لم يتخطَّ تلك العقبات أصبحت عائقاً له في سيره إلى الله جل وعلا ، ولهذا كان متأكداً على كل سائرٍ يرجو رحمة الله تبارك وتعالى ويخاف عقابه أن يحذر ويحاذر من عقبات الطريق ومعوقات الطريق التي تغشى الإنسان في سيره وطريقه ، وهي تتلخص - عباد الله - في عقبات ثلاث ألا وهي :

- الشرك بالله ؛ ويتخلص المسلم من هذه العقبة بإخلاص الدين لله جل وعلا .

- والعقبة الثانية : البدعة ؛ ويكون التخلص منها بتجريد المتابعة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام .

- والعقبة الثالثة : المعاصي بأنواعها ؛ ويكون التخلص منها بالتوبة مما وقع فيه من الذنوب وبالعزم على البعد عنها والمحاذرة من الوقوع فيها .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون : وطريق السائرين إلى الله عز وجل فيه لصوص وقُطَّاع طريق يقطعون على السائر طريقه ويشوِّشون عليه في سيره فيجب عليه أن يكون على حذرٍ منهم ، وأعظم قُطَّاع الطريق الشيطان الرجيم – أعاذنا الله تبارك وتعالى جميعاً منه – ؛ ولهذا جاءت الآيات الكثيرات في كتاب الله جل وعلا بالتحذير من هذا العدو ووجوب اتخاذه عدوا ، وبيان أنه يأتي الإنسان من جهاته كلها ؛ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، وأنه قاعد له بكل صراط لصدِّه عن دين الله ولإبعاده عن طاعة الله ، قال صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ)) أي بكل طريق يسير فيه يبتغي رحمة الله ويرجو ثواب الله يقعد له الشيطان لصده وإبعاده وصرفه عن طاعة الله . وكذلكم من قطاع الطريق أعوان الشيطان وأحزابه من شياطين الإنس والجن وما أكثرهم ، لا كثَّرهم الله وأعاذنا والمسلمين من شرورهم أجمعين .

 

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله : وهذا الطريق لا يصلح فيه التباطؤ والتماوت والكسل بل الواجب فيه المسارعة للخيرات واغتنام الأوقات والمنافسة في الطاعات ليفوز السائر فوزاً عظيما ويغتنم المواسم الفاضلة والأوقات الفاضلة ليجدَّ ويجتهد في طاعة الله وعبادة الله تبارك وتعالى لتكون له هذه الحياة مغنماً وإلى الخيرات مرتقىً وسلَّما .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله : ولكل عبد سائر في هذه الحياة أمدٌ لا يتعداه ووقت لا يتجاوزه ؛ فإذا جاء الأجل لا يتقدم عنه العبد ساعة ولا يتأخر ، والسعيد من عباد الله من يُعِدّ لذلك اليوم عدته ويهيئ له جهازه بالطاعة والعبودية لله تبارك وتعالى .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون عباد الله : تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، وبلَّغنا جميعاً جزيل المواهب وخير الآمال ، ووفقنا جميعاً لنيل رضاه ، وبلغنا جميعا طاعته جل وعلا على ما يحبه ويرضاه ، وهدانا إليه صراطاً مستقيما .

أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .       

أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه . وتقوى الله جل وعلا : عملٌ بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله ، وتركٌ لمعصية الله على نورٍ من الله خيفة عذاب الله .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المؤمنون عباد الله: يأتي هذا العيد المبارك وأمة الإسلام تمر بها جراحات وآلام وآهات وأحزان في جهات عديدة وفي مناطق متعددة ، فهاهم في شهر رمضان وفي ذلك الموسم العظيم لم يسلَموا من التقتيل والتشريد ولم يسلموا من انتهاكات سافرة وتعديات آثمة وتجاوزات مشينة في مصائب عظام وآلام جسام ، والمسلمون - عباد الله- مثلهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وهاهم - عباد الله- في الصومال في معاناة وشدائد لا يعلم بها إلا الله ، في مجاعات مهلكة وشدة عظيمة لا يعلم بمداها إلا الله جل وعلا ، وقد وفَّق الله المسلمين في هذه البلاد وفي بلدان عديدة إلى الوقوف مع إخوانهم بما يسَّر الله تبارك وتعالى مما يحقق معاني الأخوة ويحقق معاني اللحمة . والواجب - عباد الله - أن يحس المسلم بآلام إخوانه وأحزانهم ؛ فالمسلمون أفراحهم واحدة وأتراحهم واحدة ومثلهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .

ولهذا - عباد الله - لنتذكر في هذا العيد إخواناً لنا يعاينون مجاعات شديدة وصعاب مؤلمة فلا نتركهم من دعوات صادقة أن يشبع الله جائعهم وأن يكسو عاريهم وأن يروي عطشانهم ، ونتذكر إخواناً لنا في مناطق أخرى يعانون من شدة الحروب وأهوال القتل والتشريد والانتهاك للحرمات والتعديات الآثمة فهم في فزع دائم وقلق وخوف مستمر ؛ فلا أقلَّ من أن يخلِص المسلم الدعاء بالتوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن يآمن روعاتهم وأن يستر عوراتهم وأن يحفظهم - جل وعلا - من بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن خلفهم فهو الحفيظ وحده جل في علاه ، وأن يتذكر إخواناً له في المستشفيات اشتدت بهم الآلام وتعددت معهم الأمراض وزادت فيهم الآهات فيدعو الله تبارك وتعالى أن يشفي مريض المسلمين وأن يفرج كرباتهم وأن ييسر أمورهم وأن يحفظ المسلمين في كل مكان . إلى غير ذلكم من المعاني العظيمة التي ينبغي أن نتذكرها وأن لا نكون في غفلة عنها .

وأخيرا عباد الله : لنتذكر ما جاء في الحديث أن الشياطين في شهر رمضان تصفد ؛ وكأني بهم في مثل هذا اليوم وقد انتهى شهر رمضان وقد انطلقوا من أقيادهم وسلاسلهم بنشاط وعزم لصد المسلم عن طاعة الله وصرفه عن عبادة الله ؛ فلنستعذ بالله صادقين من الشيطان الرجيم ، ولنكن عباداً لله حقا متعوذين من الشيطان ومتعوذين من النفس الأمَّارة بالسوء مقبلين على الله بالإخلاص والمتابعة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله : كل وحد منا راع وهو مسئول عن رعيته ، والرعية أمانة يُسأل عنها المؤمن يوم القيامة ؛ ألا فلنتق الله في أهلينا ولنتق الله في أولادنا ولنحرص على تربيتهم وتأديبهم بآداب الإسلام وأخلاقه الفاضلة وآدابه الكريمة . أصلح الله لنا جميعاً النية والذرية .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

واعلموا -رعاكم الله- أن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدى هدى محمد صلى اله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة.

واعلموا أن الكيس من عباد الله من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.

وصلُّوا وسلِّموا - رعاكم الله - على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال : ) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً( [الأحزاب:56] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا ))

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين ؛ أبى بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذي النورين ، وأبى الحسنين علي ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين ، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين  . اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين .

اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال والأعمال ، اللهم أعنه يا حي يا قيوم وسدده في أقواله وأعماله واجزه عن المسلمين خير الجزاء . اللهم وفق ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم وولِّ على المسلمين خيارهم واصرف عنهم شرارهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم احفظ إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم حافظاً ومعينا وناصراً ومؤيدا ، اللهم أعنا وإياهم ولا تعِن علينا ، وانصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا ويسر الهدى لنا ، اللهم انصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين إليك أواهين منيبين لك مخبتين لك مطيعين . اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا واهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة صدورنا . اللهم وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها . اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يقربنا إلى حبك . اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين .

اللهم اغفر لنا ذنبنا كله ؛ دقّه وجله ، أوله وآخره ، سره وعلنه ، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت .

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرار ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم إنا نسألك غيثاً مغيثا ، هنيئاً مريئا ، سحاً طبقا ، نافعاً غير ضار ، عاجلاً غير آجل ، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدمٍ ولا عذابٍ ولا غرق ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وزدنا ولا تنقصنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا . ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا سميع الدعاء يا ربنا ورب كل شيء ومليكه أعِد علينا هذا العيد السعيد أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة على طاعةٍ وحُسن عمل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . اللهم وبلغنا رمضان وأعنا فيه على طاعتك على الوجه الذي يرضيك عنا . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .