خطبة استسقاء 14-01-1427 الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

استسقاء 14-01-1427
الأحد 12 فيفري 2006    الموافق لـ : 13 محرم 1427
تحميل الخطبة

تفريغ الخطبة

خطبة الاستسقاء بتاريخ  14 /1 / 1427 هـ

 

الحمد لله أحمده بمحامده التي هو لَها أهل , وأثني عليه الخيرَ كلَّه لا أحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه , الحمد لله أحمدُه حمدَ الشاكرين , وأثني عليه ثناءَ الذاكرين , الحمد لله أحمده سبحانه على نِعَمِه كلِّها وعطاياه جميعِها , أحمده عزّ وجل على كل نعمة أنعَم بها علينا في قديمٍ أو حديث أو سرٍّ أو علانية أو خاصةٍ أو عامة , الحمد لله حمدا كثيرا على نعمه الكُثار وعطاياه المدرار , أحمده جلّ وعلا حمد من شَكَر , وأذكره ذِكر من أناب واستغفَرْ وأقبَل على ربِّه ومولاه , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيُّه وخليله وأمينه على وحيه ومبلغ الناس شَرعَه , وأشهد أنه بلَّغ الرسالة وأدى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين , فما ترك خيراً إلا دلَّ الأمة عليه ولا شراً إلا حذَّرها منه ؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد معاشرَ المؤمنين عبادَ الله : اتقوا الله جلّ وعلا وراقبوه مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعُه ويراه , واعلموا رعاكم الله أن تقوى الله جلّ وعلا أساس السعادة وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة , وهي خير زادٍ يبلغ إلى رضوان الله كما قال الله جلّ وعلا : ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة:١٩٧] , وهي وصية الله جلّ وعلا للأوّلين والآخرين من خلقه كما قال عزّ وجل: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء:١٣١] , وهي وصيةُ نبيِّنا الكريم صلى الله عليه وسلم لأمته , وهي وصية السلف الصالح فيما بينهم ؛ فاتقوا الله - عبادَ الله - واعلموا أنَّ تقوى الله جلّ وعلا : هي العملُ بطاعةِ الله على نورٍ من الله رجاء ثوابِ الله , وتركُ معصيةِ الله على نورٍ من الله خيفة عذابِ الله .

ثم عباد الله : إنَّ هذه الصلاة المباركة والجمعَ المبارك الذي منَّ الله به علينا صبيحَةَ هذا اليومِ بالاجتماع لَه إنها صلاةٌ عظيمةٌ شُرعت في الإسلام عندَ جدبِ الديارِ والحاجَةِ إلى الأمطارِ والرغبة في سُقيا الماء بأن يُقبِلَ المسلمون على الله جلّ وعلا إِقبالاً صادقا تائبين منيبين خاضعين متذلّلين بين يدي الغفارِ الرحيم الجواد المحسِن المنانِ العظيمِ سبحانه وتعالى الذي يَقبَلُ التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويجيب الدعوات يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوءَ وأزمةُ الأمور بيده جلّ وعلا ، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن , ولا حول ولا قوة إلا بالله جلّ وعلا : ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [فاطر:2].

فالغرضُ - عباد الله - أن نُقبِلَ على الله جلّ وعلا إقبالاً صادقاً , نستغفر إلى الله جلّ وعلا من ذنوبِنا وخطايانا  ونتوب توبةً صادقةً ونَمُدُّ أَيْدِيَ الدعاء إلى الله جلّ وعلا سائلين مُلِحِّين أن يَقبَلَ توبتنا وأن يُقيلَ عثرتنا وأن يتجاوز عن خطيئتنا وأن يرحم ضعفنا وأن يتقبل منا ؛ فإنه جلّ وعلا لا يرد عبداً دعاه ولا يُخَيِّبُ مؤمناً ناجاه ، وهو القائل سبحانه : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186]

اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا , اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا , اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دِقَّها وجلَّها, اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت , اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات , اللهم اغفر ذنوبَ المذنبين من المسلمين , وتب على التائبين , اللهم اغفر ذنوبَنَا وتَقَّبلْ توبتنا , اللهم اغفر لنا وارحمنا يا غفور يا رحيم .

اللهم إنا نستغفرك إنك كنتَ غَفَّارَا فأرسل السماء علينا مدرارا , اللهم أرسل السماء علينا مدرارا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا هدمٍ ولا عذابٍ ولا غَرق , اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين , اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا, اللهم أغثنا , اللهم غيثاً مغيثا ، هنيئاً مريئا ، سَحًّا طبقا ، نافعاً غير ضار ، عاجلاً غير آجل , اللهم أغث قلوبنا بالإيمان وديارنا بالمطر , اللهم سقيا رحمةٍ لا سقيا هدم ولا عذاب ولا غرق .

اللهم إنا نتوجه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وبأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت , يا من وَسِعْتَ كل شيء رحمةً وعلما , يا من يجيب المضطر إذا دعاه , يا من يُغيثُ الملهوف ويجبُر الكسير , يا غني يا رحيم يا جواد يا كريم يا محسن يا منّان, اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم اسقنا وأغثنا , اللهم إنا خلقٌ من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك , اللهم ولا تؤاخذنا بما فعله السُّفهاء منا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا . اللهم هذه أيدينا إليك مُدَّتْ , ودَعَواتناَ إليك رُفعت , وأنت يا الله لا ترد عبدًا دعاك , ولا تُخَيِّبُ مؤمناً ناجاك ؛ اللهم فأغثنا , اللهم أغثنا , اللهم أغثنا , اللهم رحمتَكَ نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين , اللهم لا تكلنا إلا إليك , اللهم لا تكلنا إلا إليك , اللهم لا تكلنا إلا إليك . لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين , لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين , لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

وتأسَّوْا بنبيكم في قلب الرداء تفاؤُلاً بتغيِّر الأحوال بإذن الله جلّ وعلا , وصلى الله وسلّم وبارك وأنعم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .