محاضرة الأخوة الإيمانية الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري

الأخوة الإيمانية
السبت 12 مارس 2016    الموافق لـ : 02 جمادة الثانية 1437
3.1M
00:13:25
مداخلة العلامة عبيد الجابري ضمن اللقـــاء الأول للمشائخ السلفيين بطرابلس بمسجد عبيدة عامر بن الجراح
تحميل المحاضرة

تفريغ المحاضرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهُدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا، أما بعــد:

ففي الحديث الصحيح الذي هو من أصول الدين في المعاملة؛ معاملة المسلم للمسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضا وشبَّك بين أصابعه)
هذا الحديث يا أبنائنا يتضمن أولا:
تخصيص هذا الأمر للمؤمنين؛ سواءً كانوا أهل الإيمان الكامل التام الذي ليس فيه نقص بوجه من الوجوه، وهذا هو إيمان الأنبياء وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإيمان أبي بكر رضي الله عنه، والخلفاء الأربع، وسائر العشر، ومن كان على نهجهم وسمتهم وسيرهم، أو كانوا من أهل الإيمان الناقص الذي شابته شائبة المعصية؛ فهم تحت هذا المعنى (المؤمن للمؤمن) يعني أن المؤمن من (..) الله عز وجل للمؤمن الآخر، تقوى به عزيمته ويشتد به أزره وينشط بمصاحبته، وهذا يدخل فيه - أعني الإيمان الناقص - أهل البدع الذين لم تصل بدعهم إلى الكفر، فمن كانت بدعته فسقية فهو داخل في هذا الخبر العظيم؛ أما أهل البدع المكفرة من أصحاب وحدة الوجود والحلول والإلحاد والرفض والتجهم فليس لهم حظ في هذا، ولو انتسبوا إلى الإسلام وذلك حين تقوم عليهم الحجة، وأعظم نصيبًا وأوفر حظـًا من هذا الحديث الصحيح؛ أهل السنة والجماعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : (أهل السنة هم أعرف الناس بالحق، وهم أرحم الناس بالخلق) فالسنة رحمة، ومن رحمة أهل السنة والجماعة أنهم يودون أن صاحب المعصية لم يعصِ، هكذا يريدون له، هذه النظرة (..)
وهناك نظرة شرعية وهي أنه يعاقبون العاصي بما يستحقه، فقد تصل العقوبة إلى القتل، وهذا- أعني القتل- من خصائص الحاكم المسلم وليس لآحاد الناس، وبهذا يُعلم أن من استولى عليه حظ نفسه وحب الانتصار على الآخرين شهوة وبغيًا أنه مخطئ، هو مخطئ؛ لأنه نُزعت منه الرحمة من أجل أمر من الأمور خالفه فيه الآخر.

وأما كونه شبّك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه فهذا تشبيه؛ شبّه حال المؤمنين حال تكاثفهم وتعاونهم وتراحمهم وشدّ بعضهم أزر بعض كأنهم بنيان واحد، أُلصقت لبناته بعضها ببعض لصاقــًا لا فجوة فيه، هكذا حال المؤمن مع أخيه المؤمن.

فالأخوَّة الإيمانية ثابتة لكل مسلم صاحب سنة، وإن شاب إيمانه شائبة معصية، فالفاسق المِلّي لم ينتفِ إيمانه انتفــاءً كاملا، ولكن نقول انتفى عنه كمال الإيمان، ولهذا من قواعد أهل السنة أن المعاصي وإن كانت الكبائر يعني تُنقص الإيمان، تنفي كماله ولا تذهبه بالكلية.

فالواجب على المسلمين علمائهم وطلاب العلم منهم لاسيما المؤهلون في النظر في المسائل، الذين أخذوا أصول العلم عن أشياخٍ سبقوهم في الفقه في الدين، وتعليم الناس دين الله جلَّ وعلا من الكتاب والسنة الصحيحة وفق سيرة السلف الصالح، هكذا مسلكهم ودأبهم وهكذا نهجهم.

فأرجو بارك الله فيكم أن تصل كلمتي هذه عن طريق الشيخ مجدي والقائمين معه على هذا اللقاء - جعله الله مباركـًا على الجميع - إلى كل محب للخير بما تيسر له؛ عن طريق توزيع الأشرطة، أو مطوية، يُفرغ ويوزع على المسلمين في ليبيا حرسها الله وبلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وجمع خواصها وعوامَّها على ما يحبه الله ويرضاه.

هذا الذي نحبه بارك الله فيكم جميعًا، نحب أن نكون على السنة، وأن ندعو الناس إليها مما عرفنا من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم الصحيحة وسيرة سلفنا الصالح.
وفقنا الله وإياكم إلى ما فيه مراضيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وأعتذر عن الإجابة على الأسئلة لأن وقت المغرب أزف لدينا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته